ارسال السریع للأسئلة
تحدیث: ١٤٤٥/١٢/١٨ السیرة الذاتیة کتب مقالات الصور دروس محاضرات أسئلة أخبار التواصل معنا
تصنیف المقالات احدث المقالات المقالات العشوایئة المقالات الاکثرُ مشاهدة
■ مقالات (٥٧)
أزمة المحْدثين بين الافراط في التصنع والتفريط بالمصطلح
أسباب نزول القرآن، أهميتها وطرقها وحجيتها ومصادرها
باب (من لم يرو عن الأئمة عليهم السلام) فيرجال الشيخ الطوسي
البلاغات من أساليب الأداء للحديث الشريف في التراث الإسلاميّ
البناء على القبور
تأبين الإمام الخمينيّ قدس سرّه
تأبين السيد الخوئيّ قدس سرّه
التأثير المتبادل بين القرآن والحديث في مجال التأكيد والتحديد
تحملُ الحديث بالإجازة، واجبٌ مُلح في العصر الحاضر
تدوين السنّة أم تزييف الشريعة؟ في النقد العلمي
التسميات طليعة المؤلّفات في الحضارة الاسلامية موضوعها، ومنهج تأليفها وفهرستها
تتميم النظر في التقديم لمقتضب الاثر
الثقلان ودورهما في دعم السُنّة
جراب النورة بين اللغة والاصطلاح
حجّية الحديث المُعَنْعَن، وما يُثار حوله شبهةٌ في قبال البديهة
الحشوية نشأةً وتاريخاً (القسم الأول)
السنّة النبوية الشريفة وموقف الحكّام منها تدوينا وكتابة ونقلاً وتداولاً
الشيخ الطوسيّ وتراثه الحديثيّ
الحشوية أراء وملتزمات (القسم الثاني )
صِيَغ الأداء والتحمّل: تاريخها، ضرورتها، فوائدها، اختصاراتها
ضرورة تطويع الممارسات للانتهال من معين الحديث الشريف
ضرورة النقد العلمي في مجال تحقيق التراث
العبث بالتراث بين عمالة العلمنة ونفاق الاسلمة
علم الأئمة عليهم السلام بالغيب، والاعتراض عليه بالإلقاء في التهكلة، والإجابات عنه عبر التاريخ
علوم الحديث بين سعة الآفاق و محدوديّة الأعمال
عناوين الأبواب وتراجمها في التراث الإسلامي :حجّيتها، أغراضها مصادرها،ودلالاتها
فرق الشيعة أو مقالات الإمامية ؟ للنوبختي أم للأشعري؟
فوات فهرس الفهارس والأثبات، بذكر بعض ما للإمامية من الإجازات، في الفهرسة
التقية في الثقافة الاسلامية
الكرامات
الكنية، حقيقتها وميزاتها، وأثرها في الحضارة والعلوم الإسلامية، في علوم العربية، الأدب
لماذا الإمام عليه السلام
مجددو المذهب وسماتهم البارزة
المصطلح الرجالي>أسند عنه< ما هو وما هي قيمته الرجالية؟
مقال حول الصحيفة السجّادية
مقدمة (لوامع الأنوار)
مقدمة (المقنع في الإمامة)
مقولة جسم لا كالأجسام، بين موقف هشام بن الحكم ومواقف سائر أهل الكلام
من أدب الدعاء في الاسلام ضبطه عند الأداء والتحمل وتنزيهه من اللحن والتحريف ودعوة الى إحيائه وتحقيق كتبه
موقف أهل الكتاب من الحق بين الإلتزام والتصرفات المريبة
النكت الخفية في النادرة الشريفيّة
همزية البوصيريّ والتراث الذي دار حولها

التأثير المتبادل بين القرآن والحديث في مجال التأكيد والتحديد

في مجالي التأكيد والتحديد

التحرير

كلاهما - القرآنُ الكريمُ ، والحديثُ الشريفُ - أهمُّ مصدرين للثقافة الإسلاميّة المجيدة ، عند جماهير المسلمين ، وعلى مدى القرون ، ولم يخرج على هذه المسلّمة سوى المتميّزين بالشذوذ ممّن لا يؤثر رأيُهم في انعقاد الإجماع أو حصول الاتّفاق .

والتأثير المتبادَل بين هذين المصدرين ، معروضٌ في مجالين كبيرين وهامّين :

الأوّل : في مجال الحجّيّة والتأكيد على المصدريّة .

والثاني : في مجال التحديد لكلّ منهما بالآخر .

1 - في المجال الأوّل :

فقد بات واضحاً - عند أهل المعرفة الإسلاميّة - أنّ القرآن الكريم ، باعتباره المعجزة الإلهيّة الخالدة - هو من أهمّ أدلّة إثبات الرسالة وتثبيت قدسيّة الرسول المبلِّغ لها ، والصادع بوحي القرآن نفسه ، والحامل له على قلبه ، والمطبّق له على حياته وسيرته .

ولهذا يتميّز القرآن بكونه أقوى الحُجج على الرسالة نفسها ، وعلى حجّيّة الرسول‏صلى الله عليه وآله وسلم رسالةً ، وعملاً ، وقولاً ، وإرادة .

بل الآيات الكريمة المحتجّ بها على حجّية الحديث الشريف ، هي من أوضح أدلّتها وأشهرها وأبهرها وأكثرها إقناعاً عند الباحثين عن حجّية الحديث والسنّة .

كما تميّز القرآن بميزة القطعيّة والتواترِ ، فهو المصدر الذي لا ريب فيه ، بنصّ الوحي وتأكيده ، فإليه ترجع سائر الأدلّة عند الاختلاف ، وعند محكماته يقفُ كلّ نزاع وخلاف ، وهو القول الفصل وما هو بالهزل .

ثمّ الحديث الشريف ما فتئت نصوصٌ متواترةٌ منه معلومة الحجّية ، تدعم القرآن بالتأييد والتبيين ، والنشر والتبليغ ، وطرق اُخرى كالتقديس والتمجيد ، والحثّ على التداول بالحفظ والتلاوة والكتابة ، إلى التدبّر والعمل والتطبيق ، وغير ذلك من متنوّع الأساليب ، حسب الأغراض والأهداف والغايات .

إلّا أنّ الحديث الذي يُستند في هذا المجال ، ليس من الضروري أن يكون قطعيّاً ، بل اكتفى علماء الإسلام - قاطبةً - بما ورد من الحديث ، ولو واحداً أو غيره ممّا لم يصلْ إلى رتبة القطع واليقين ، فإنّهم عمّوا الاستناد بكلّ ما ورد ممّا لا يتنافى‏ مع أصلٍ قطعيٍّ أو فرعٍ ثابتٍ ، من أُصول الدين وفروعه ، فإنّهم متّفقون على جواز العمل به ، باعتباره مرشداً إلى ما هو من المطلوبات العقلائية التي وافق عليها الشرع بمثل هذا الحديث ، أو لم يخالفها بأدلّته المتداولة .

وهي في الغالب قضايا أوّلية معها من المرغّبات الحسّية ، أو المبرّرات الأخلاقية والإنسانية ما يكفي للاعتماد .

ومن هذا القبيل ما ورد في فضائل القرآن سوره وآياته وغير ذلك ، ممّا يُرغّب في تلاوةٍ أو كتابةٍ ، أو استشفاءٍ ، أو اصطحابٍ وحملٍ ، أو عملٍ ورُقيةٍ .

فإنّ سيرة المسلمين منعقدة على التسامح في أدلّة ذلك كلّه ، وعلى الالتزام بمداليلها رجاءً للمطلوبية الشرعيّة ، وللوصول إلى الثواب والأجر ، الذي بلَغَ من خلال تلك الأحاديث ، التي أضفت على الأعمال مسحةً من الاستحباب الشرعيّ ، ولو انّها لم تتّسم بالانتساب القطعيّ - على بعض المناهج - للإثبات ، كما فُصِّلَ في مباحث الفقه واُصوله .

2 - وفي المجال الثاني :

- أعني تبادل التأثير في التحديد - فلابدّ من التذكير بأمرين :

الأوّل : إنّ التأثير بالتحديد في الآخر ، إنّما يتحقّق عند وجود تعارض في البين ، والتعارض لا يصدق إلّا بين متكافئين في الرتبة ، وفي ما لو كان المتعارضان في درجةٍ واحدة ، وبما أنّ القرآن الكريم قطعيّ الصدور ، كما ألمحنا ، فلابدّ أن يكون ما يراد له معارضته ، كذلك ، قطعياً أيضاً .

فالحديث الذي يُراد منه تحديد القرآن ، لابدّ أن يكون من نوع الحديث القطعي ، وهو إمّا بالتواتر ، أو بالقبول من قبل الاُمّة - جمعاء - حيث يرتفع الحديث بذلك إلى مستوى القطعيّ المعلوم .

وإلّا فالحديث الظنّي ، آحاداً أو غيره ، ليس له مقاومة القرآن ولا الوقوف إلى صفّهِ كي يفرض له مقارعته ومعارضته ، لعدم هذا الشرط الأساسي في المعارضة .

الثاني : إن فرض التأثير بالتحديد ، يستدعي وجود التفاوت - ولو بشكل جزئيّ - بين الطرفين ، وإلّا فعند الاتّفاق التامّ بينهما ، بحيث لا يدلّان إلّا على شي‏ءٍ واحد ، فلا يكون التأثير إلّا من مجال الدعم والتأييد ، لا التأثير بالتحديد .

مع أنّ المرجعية - عندئذٍ - انّما تكون للقرآن نفسه ، لأنّه الأصل في المرجعية ، لكونه المتّسم بالقطعيّة ، كما أسلفنا ، فلا حاجة إلى الاستناد إلى الحديث ، إلّا على أساس الإرشاد إلى ما في القرآن ، وتبياناً له وتفسيراً .

وبعد :

فإنّ التأثير من جانب القرآن على الحديث ، إنّما هو في قبول الحديث - بعد قابليّته للوقوف في صفّ المعارضة - .

فقد أكّدت أحاديث كثيرة ، فاقت حدَّ الشهرة ، تدلّ على الأخذ بما يُوافق كتاب اللَّه ، وترك ما يُخالِفُه .

وقد التزمت طوائف من المسلمين بهذه الأحاديث ، واعتبروها من قوانين قبول الحديث .

ولكن طوائف اُخرى رفضتْ الالتزام بها ، واعتبرتها باطلة موضوعة ، مخالفة لما دلّ على حجّية الحديث ، وقالوا : إنّه تحجيم لأدلّة الدين ، وحصر له في القرآن ، بينما الحديث تكبُر كمّية نصوصه بكثير على حجم القرآن ، بعشرات المرّات .

ويبتنى هذا الرفض على تصوّر أنّ المخالفة - التي يُردُّ به الحديث - تشمل كلّ تفاوتٍ بينه وبين القرآن ، وعلى هذا لا يبقى مجالٌ للتأثير بالتحديد؛ للزوم المطابقة دائماً .

لكنّ المراد بموافقة الحديث للقرآن ليس هو المطابقة والاتفاق التامّ ، وإلّا فلم يبق للحديث إلّا مزية الإرشاد والتأثير بالتأييد ، فقط ، وهذا أمر مخالفٌ لحجّية الحديث في عرض القرآن ، كما هو متّفق عليه بين علماء الإسلام ، بلا خلاف .

بل المراد بالموافقة هو عدم المخالفة لنصوصه الواضحة ولا لأحكامه الثابتة والمتّفق عليها بين أهل الحقّ ، ممّا أصبح من ضروريات الملّة ، من مرادات القرآن ودلالاته ، فإنّ الحديث مهما كان سنده - صحيحاً أو ضعيفاً - فلابدّ أن يتوافق مع هذه الحقائق وتلك الضرورات ، وإذا كان مخالفاً لأيٍّ منها ، فإنّه زخرفٌ وباطل ومردود مهما كان صحيحاً ، بل كلّما ازداد صحّةً ازداد ضعفاً ، لمخالفته لما ثبت في القرآن .

كما لو كان الحديث موافقاً لهذه الضرورات ، موافقةً تامّة ، فهذا الحديث يُقبل من دون نظرٍ إلى سنده ، بل تجعل هذه ، الموافقة دليلاً ، على الصحّة ، فلا يُترك ما في الحديث من الحق لأجل ما يرى‏ في سنده من الضعف .

ولو كان الحديث موافقاً لهذه الضرورات ، ولكن تفاوت بما ليس منها ، بزيادة قيد أو شرط ، فإنّ الحديث البالغ درجة المعارضة ، يكون حينئذٍ قابلاً للتأثير في المدلول القرآني بالتحديد ، وهنا تبدو أهمّية الحديث وأثره العظيم ، حيث يتمّ به بيان القرآن وتفصيله وتفسيره به .

وأمّا المخالف لتلك الضرورات ، فإبطاله ليس إبطالاً للحديث كلّه ، حتّى يُجعل ذلك ذريعةً لرفض هذه الأحاديث ، بل هو تعيين للقابل منه للمعارضة مع القرآن ، لأنّ المخالفة تكشف عن سقوط المخالف عن الحجّية والاعتبار ، فلا يرتقي إلى مستوى المقابلة للقرآن المقطوع بحجّيته .

والعجب ممّن أفرط بالحديث على حساب القرآن ، ونادى بمقولة : «حسبنا كتاب اللَّه» ووقف من الحديث موقف المنع من كتابته ونشره والتحديث به ، كيف يرفض «أحاديث الموافقة» بتلك الحجّة الواهية؟!

وكما مُنِيَ القرآنُ بالتفريط فيه بالالتزام بالحديث على حسابه ، فالحشوية - من الفرق الإسلامية - التزموا بكلّ ما سمّي «حديثاً» فاعتقدوا به وبَنَوا أفكارهم وأعمالهم عليه ، في مجالات العلم والعقيدة ، وفي مجالات العمل والأحكام ، مطلقاً ، سواء ما كان بالندب أو الاستحباب ، أم بالإلزام والإيجاب .

فأدّى هذا الالتزام إلى مخالفات رهيبة لضرورات واضحة في الإسلام عقيدةً وشريعة ، وتهزيز فظيع لملتزمات مجمع عليها بين علماء الاُمّة ، وإسقاط لمسلّمات اتّفق عليها المسلمون ، على أساس من أدلّة العقل البديهي ، وعلى أساس من النصوص الواضحة كالآيات المحكمة القرآنية ، والأحاديث القويمة .

إلّا أنّ الحَشْويّة ، واستناداً إلى أيّ حديثٍ رُوي لهم ، وبأيّ طريقٍ - مهما كان وكانت - أعرضوا عن تلك الحقائق ورفضوا تلك المسلّمات ، بحجّة التزامهم بالحديث .

ولا ريب أنّ هذا الإفراط مرفوضٌ لدى العقلاء من علماء الاُمّة ، كما أنّ ذلك التفريط كان مرفوضاً لديهم .

ولم تؤثّر هذه الانحرافات في الحقّ الذي ثبت لدى المسلمين ، ومن خلال المحكم من آيات القرآن ، والمسلّم من الحديث الشريف ، لقوّة الأدلّة عليه ، من جهة ، ولصمود أهل الحقّ ونضالهم وعزّتهم وإبائهم ، مهما قلّوا ، من جهة أُخرى‏ .

إنّ ما ذكرنا من مجالات التأثير والتأثُّر بين القرآن والحديث ، وما دارت عليه من محاور البحث والدراسة ، وغيرهما ممّا لم نذكره ، هي كلّها بحاجة إلى دراسات واسعة معمّقة ، ومقارنة بين الآراء والمذاهب الإسلامية الحيّة ، بهدف توحيد وجهات النظر ، في سبيل تعبيد الطرق للوصول إلى وحدة المسلمين وتأصيل ثقافتهم ومعارفهم .

وقد حاولنا في هذا العدد من مجلّتنا هذه ، تقديم ما تهيّأ لنا من الأعمال التي تدور حول بعض هذه المحاور .

ونُهيب بأصحاب الهمم من أعلام الفكر والعلم ، أن يقوموا بتكميل الأشواط للوصول إلى القمم المنشودة في سبيل تلك الأهداف المحمودة .

واللَّه من وراء القصد

ارسال الأسئلة