ارسال السریع للأسئلة
تحدیث: ١٤٤٥/١٢/١٨ السیرة الذاتیة کتب مقالات الصور دروس محاضرات أسئلة أخبار التواصل معنا
فهرست کتاب‌‌ لیست کتاب‌ها
■ دليل الكتاب
■ تقديم
■ المقدمة
■ القسم الأول: جواز التدوين منذ عهد الرسالة , وأدلة المبيحين
■ تمهيد :ما هو الأصل في حكم التدوين ?
■ الفصل الأو ? : عرف العقلاء والتدوين
■ الكتابة أمر حضاري
■ الكتابة في القرآن
■ الكتابة في السنة ? الأثر
■ القرآن والكتابة
■ السنة والكتابة
■ الفصل الثاني : السنة النبوي ? والتدوين
■ السنة التقريرية
■ السنة الفعلية
■ صحيفة النبي صلى الله عليه وآله التي كانت عند علي عليه السلام
■ كتاب علي عليه السلام
■ كتاب فاطمة عليها السلام
■ ما كتبه النبي صلى الله عليه وآله إلى عماله
■ وأخيرا
■ السنة القولية
■ ما ورد بلفظ الأمر بالكتابة والتقييد
■ ما فيه الإذ ? بالكتابة والتقييد
■ ما ورد فيه لفظ الكتابة وتصاريفها
■ ما ذكر فيه شيء من أدوات الكتابة
■ تعليق على الفصل الثاني
■ الفصل الثالث : إجماع أهل البيت عليهم السلام على التدوين.
■ حجية إجماع أهل البيت عليهم السلام
■ ما ورد عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام
■ في مجال التصنيف
■ كتاب في علوم القرآن
■ كتاب السنن والأحكام
■ عهد الأشتر
■ التعليقة النحوية
■ في مجال الروايات والآثار
■ ما ورد عن الإمام الحسن السبط عليه السلام
■ ما ورد عن الإمام الحسين السبط عليه السلام
■ ما ورد عن الإمام علي بن الحسين زين العابدين السجاد عليه السلام
■ ما ورد عن الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام
■ في الأقوال
■ في المؤلفات
■ ما ورد عن الشهيد زيد عليه السلام
■ ما ورد عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام
■ في الأحاديث
■ في المؤلفات
■ ما ورد عن الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام
■ ما ورد عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام
■ ما ورد عن الإمام محمد بن علي الجواد عليه السلام
■ ما ورد عن الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام
■ ما ورد عن الإمام الحسن بن علي العسكري عليه السلام
■ ما ورد عن الإمام المهدي الحج ? المنتظر عليه السلام
■ تعليق على الفصل الثالث
■ الفصل الرابع : سيرة المسلمين على التدوين
■ تمهيد
■ العهد الأو ل : عهد الصحابة
■ العهد الثاني عهد التابعين
■ خاتمة القسم الأول : خلاصة واستنتاج
■ القسم الثاني : مع المانعين للتدوين وتوجيهاتهم للمنع
■ تمهيد : متى بدأ منع التدوين
■ الفصل الأو ? : المنع الشرعي عن كتابة الحديث
■ أحاديث أبي سعيد الخدري
■ أحاديث أبي هريرة
■ أحاديث زيد بن ثابت
■ المناقشات العامة في الأحاديث المرفوعة الناهية
■ الجمع بين أحاديث الإباحة والمنع
■ أن النهي عام والإذن خاص
■ أن الإذن ناسخ للنهي
■ أن النهي خاص والإذن عام
■ رأينا في الجمع
■ الفصل الثاني : الخوف من اختلاط الحديث بالقرآن:
■ المناقشات في هذا:أن نسبة الخوف من ذلك إلى الشارع غير مقبولة
■ لماذا كتب القرآن مع أنه معجزه
■ بقية المناقشات في هذا التبرير
■ الفصل الثالث : التخوف من ترك القرآن والاشتغال بغيره
■ المناقشة في هذا التبرير
■ الاشتغال بالحديث ليس مؤديا إلى ترك القرآن
■ ليس الصحابة متهمين بترك القرآن
■ المؤدي إلى ترك القرآن هو المناقض له
■ أحاديث التهو ? الذي حذر عنه الرسول
■ السنة الشريفة لا تعارض القرآن بل هي امتداد له
■ الفصل بين السنة والقرآن ضلال
■ الأصل في الحكم بضلال الفاصل بينها هو الرسول
■ أحاديث الأريكة من دلائل النبو ه
■ معنى الأريكة ? دلالة أحاديثها
■ دفاع الخطابي وتأويله لأحاديث الأريكة
■ دفاع الذهبي وتأويله لأحاديث الأريكة
■ قول حسبنا كتاب الله مأثور عن من؟
■ الدعوة إلى نبذ السنة في نظر القدماء و المعاصرين
■ الفصل الرابع : الاستغناء بالحفظ عن التدوين
■ المناقشات في ذلك
■ ١ - أن ذلك لا يدل على حرمة الكتابة
■ ٢ - أن الحفظ ليس من الواجبات فلا يعلق عليه أمر واجب
■ ٣ - الكتابة لا تنافي الحفظ بل تؤيده وتؤكده
■ ٤ - الاعتماد على مجرد الحفظ يؤدي إلى الأوهام
■ بعض المقارنات بين الحفظ ? الكتابة
■ هل الحفظ أعظم فائدة من الكتابة ?
■ الفصل الخامس : عدم معرفة المحدثين للكتابة
■ المناقشة في هذا التبرير
■ ١ - الكتابة أصبحت في الإسلام واسعة الانتشار
■ ٢ - أن ذلك لم يمنع عن الكتابة , كما لم يمنع عن كتابة القرآن
■ ٣ - انهم لم يمتنعوا بل مُنعوا
■ الفرق بين القرآن ? السنة في أمر التدوين
■ الفصل السادس : القول الفصل في سبب المنع
■ المنع لم يكن إلا رأيا للصحابة
■ المصلحة المهمة في نظر المانعين وشروطها
■ رواية ابن مسعود الدالة على المصلحة
■ الأحاديث الممنوعة هي غير أحاديث الفرائض والسنن
■ التدبير السياسي ضد أهل البيت عليهم السلام
■ المصلحة هي إخفاء الأحاديث على فضل أهل البيت
■ لزوم منع رواية الحديث أيضا
■ الملحق الأول : المنع عن رواية الحديث
■ أبو بكر يمنع الحديث رواية ونقلا
■ دفاع الذهبي عن أبي بكر, ورد ?
■ عمر و رواية الحديث
■ ١ - يمنع وفد الكوفة
■ ٢ - يمنع صحابة كبارا
■ ٣ - يمنع عام ? الناس
■ ٤- يهد ? الصحابة على الحديث ? ينهاهم
■ ٥ - يحبس الصحابة كيلا يرووا عن رسول الله
■ توجيهات العام ? لإقدام عمر على المنع وخاصة حبس الصحابة
■ ١ - توجيه الخطيب البغدادي : بالاحتياط للدين
■ ٢ - توجيه ابن حزم بر ? الحديث سندا ودلالة
■ ٣ - توجيه ابن عبد البر
■ ٤ - توجيه ابن عساكر بالتشديد لئلا يتجاسر أحد على رواية ما لم يتحقق
■ ٥ - توجيه ابن قتيبة : بالإقلال لئلا يتسع الناس في الرواية
■ بعض المعاصرين يجعل الإقلال من قوانين الرواية
■ محمد عجاج الخطيب يعارض روايات الحبس
■ الهدف من منع الرواية هو الهدف من منع التدوين
■ منع الحديث سنة للحكام
■ عثمان بمنع رواية الحديث
■ معاوية يمنع الحديث
■ رسالة معاوية إلى عم اله بمنع الحديث ووضعه
■ المسموح من الحديث في عهد معاوية هو المسموح في عهد عمر, ? الممنوع فيهما واحد
■ التوجيه المقبول للمنع
■ الملحق الثاني : آثار منع التدوين
■ ١ - اختفاء جملة من الحديث
■ نوعية الحديث الذي اختفى
■ ٢ - وضع الحديث
■ إهمال أثر المنع في أسباب الوضع عند المعاصرين
■ نوعية الحديث الموضوع
■ من هم الوضاعون
■ ٣ – اختلاف الحديث والتشكيك فيه
■ الاختلاف المذكور لا يؤدي إلى سقوط الحديث عن الحجية
■ نقل الحديث بالمعنى
■ نقل الحديث بالمعنى ليس مضر
■ محمود أبو رية يضل ? في هذا المجال
■ البلاغة لا تنكر في كلام الرسول
■ نقل الحديث بالمعنى وشروطه عند المحدثين
■ عدم التدوين ? حجية الحديث
■ بقية الردود على أبي رية
■ اختلاف الحديث بنظر الشيعة الامامية
■ من جعل الاختلاف سببا لعدم التدوين
■ ٤ - اتهام الدين الإسلامي بالتخلف
■ الرد عليه
■ ٥ - ? ? عاد أهل البيت عليهم السلام عن الساحة وابتعاد الناس عن أهل البيت عليهم السلام
■ هذا من أسوأ آثار منع الحديث تدوينا ورواية
■ إن هذا هو التدبير السياسي المنشود من المنع
■ نماذج من الروايات المضر ? للسلطات
■ ٦- ابعاد المسلمين عن أهل البيت عليهم السلام
■ التعدي على أهل البيت إلى حد القتل والسبي
■ ترك أهل البيت عليهم السلام في مجال الأحكام والالتزام بغيرهم , وهذا من أخطر الآثار والأضرار المترتبة على منع الحديث
■ اتهامهم لشيعة أهل البيت ورواة أحاديث الممنوعة
■ موقف المسلمين اليوم من أهل البيت وفضائلهم
■ صفات أتباع أهل البيت عليهم السلام والتزاماتهم
■ خاتمة القسم الثاني : خلاصة واستنتاج
■ تلخيص القسم الثاني
■ موقفنا من مسألة التدوين
■ موقف أمير المؤمنين عليه السلام
■ موقف أبي ذر
■ موقف أبن عباس
■ موقف علقمه
■ حصيلة الكتاب
■ الفهارس العامة
  1. الوهابيّون والبيوت المرفوعة للشيخ محمّد عليّ السنقريّ الحائريّ
  2. وصول الأخيار إلى أصول الأخبار
  3. الوسيلة العذراء للشاعر عبد الحسين شكر (ت هجري.)
  4. همزيّة التميميّ صالح بن درويش الكاظمي (ت 1261هجري.)
  5. النكت في مقدمات الاصول، في تعريف المصطلحات الكلامية
  6. نثر اللآليْ للطبرسيّ (ت 548 هجري.)
  7. مقدّمتان توثيقيتان للسيد المرعشيّ والسيد المشكاة
  8. مسند الحِبَريّ
  9. مختصر رسالة في أحوال الأخبار
  10. الكلمات المائة للجاحظ (ت 250 هجري. )
  11. فصل الخطاب في ردّ محمّد بن عبد الوهّاب النجديّ
  12. عروض البلاء على الأولياء
  13. عجالة المعرفة في اُصول الدين
  14. شفاء السقام بزيارة خير الأنام عليه السلام
  15. الرعاية في شرح البداية في علم الدراية
  16. الدرة الفاخرة في دراية الحديث
  17. الرسالة الرحمانيّة حول كتابة كلمة (الرحمن)
  18. رسالة الحقوق
  19. رسالة ابي غالب الزراري إلى ابن ابنه في ذكر آل أعين
  20. الرجال لابن الغضائري
  21. دفع الشبه عن الرسول والرسالة
  22. الخلاصة في علم الكلام
  23. خاتمة وسائل الشيعة
  24. الحكايات، في الفرق بين المعتزلة والشيعة
  25. الحقوق لمولانا زيد الشهيد عليه السلام
  26. تفسير الحِبَري أو ما نزل من القرآن في علي أمير المؤمنين عليه السلام تفسير بالحديث المأثور
  27. تسمية من قُتِل مع الحسين عليه السلام من ولده واخوته وشيعته
  28. تثبيت الإمامة لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام
  29. تاريخ أهل البيت عليهم السلام
  30. البداية في علم الدراية
  31. الباقيات الصالحات في أصول الدين الإسلامي عاى المذهب الإمامي
  32. إنجاح المطالب في الفوز بالمآرب
  33. الإمامة والتبصرة من الحَيْرة
  34. أسماء السور القرآنيّة، في مقطوعتين رائعتين في مدح النبيّ صلى الله عليه وآله
  35. الأُرجوزة اللطيفة في علوم البلاغة
  36. الأحاديث المقلوبة و جواباتها
  37. الإجازة الشاملة للسيّدة الفاضلة من الشيخ أبي المجد الأصفهاني للعلويّة الأمينيّة الهاشميّة
  38. آداب المتعلّمين
  39. نقد الحديث بين الاجتهاد والتقليد
  40. نظرات في تراث الشيخ المفيد
  41. المنهج الرجاليّ والعمل الرائد في (الموسوعة الرجالية لسيّد الطائفة آية الله العظمى البروجرديّ 1292 ـ 1380هجري)
  42. المنتقى النفيس من درر القواميس
  43. معجم أحاديث البسملة
  44. الموت أياتهاجاديثه احكامه
  45. القافية والرويّ في الشعر العربيّ
  46. ديوان الإجازات المنظومة
  47. دفاع عن القرآن الكريم
  48. حول نهضة الحسين عليه السلام
  49. الحسين عليه السلام سماته وسيرته
  50. جهاد الإمام السجّاد علي بن الحسين عليه السلام
  51. ثبت الأسانيد العوالي بطرق محمد رضا الحسيني الجلالي
  52. تدوين السنة الشريفة
  53. تحقيق النصوص يبن صعوبة المهمة وخطورة الهفوات، في النقد العلمي
  54. إيقاظُ الوَسْنان بالملاحظات على (فتح المنّان في مقدّمة لسان الميزان)
  55. أنا ـ ترجمة ذاتية للإمام أمير المؤمنين عليه السلام طبقاً للنصوص الموثوقة
  56. الأجوبة السديدة على أسئلة السيّدة الرشيدة
  57. الأجوبة الجلالية على الاسئلة الحلوانية
  58. أبو الحسن العُريضي، علي بن جعفر الصادق عليه السلام ترجمة حياته، ونشاطه العلميّ

المقدمة

تمهيد :

إنّ الحديثَ الشريفَ يُعتبر - عند المسلمين كافّةً - تاليَ القرآن الكريم , عماداً للإسلام , ومصدراً للأحكام .

وصيانة الحديث الشريف , واجبةٌ كفايةً , على المسلمين , كما هو الحكم بالنسبة إلى القُرآن الكريم , حِفاظاً على أصول الشريعة من التحريف والتصحيف.

وقد بذل علماء الأ مّة قُصارى جُهدهم في أداء ذلك الواجب , حتّى تألّفَ الحديثُ الشريف في المجاميع الكثيرة , من الأجزاء الصغيرة إلى المصنّفات الكبيرة , وما بينهما من الأ صول والصحاح والمعاجم ? المسانيد والجوامع .

وكذلك , أحاطوه بما في وُسْعهم من وسائل الحفظ , وأدوات الحِيْطة والحَذَر , فسنُوا لذلك القواعدَ المتينة والأصول الرصينة , في علم مصطلح الحديث أو الد راية.

=====================صفحة10

وضبطُوا نصوصَه على أُسُسٍ قويمة , بأساليب مستقيمة , في علم الحديث والرواية , حتّى سلّموه إلى الخلف مصُوناً عمّأ يّشين , ? محاطاً بما يَزين , والحمد لله ربّ العالمين .

وجرت على الحديث الشريف - منذ نشأته الأ ولى , وما تلاها من الأدوار - تطو رّاتٌ كثيرة , وبذلت حوله جهود جبّارة , وكلّ ذلك يكوّن للحديث الشريف . تاريخاً حافلاً.

ومن أهم المباحث المطروحة في مجال تاريخ الحديث , هو تاريخ تدوين الحديث أو - بعبارة أخرى - : تحديد البداية الأُولى لتدوينه , والأسباب التي أدّت إلى منع تدوينه ! في بعض فترات التاريخ من صدر الإسلام .والنتائج المُتوخّاة من هذا البحث , هي:

1- الفائدة العلمية:

فقد وقع - بين علماء الحديث - بحثٌ واسعٌ في ذلك , بحيث استقطبَ من جهودهم قسطاً وافراً في المادّ ? والمدّ ? , ويمكن من خلال هذا البحث التوصّل إلى الرأي الصائب , بالحجج الصائبة.

2- الفائدة العملية:

فإن أعداء الإسلام حاولوا التشكيك في حجيّة الحديث الشريف , استناداً إلى المنع الصادر من بعض الصحابة , الذين حكموا بعد النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم , ومنعوا تدوين الحديث الشريف , فجعلوا ذلك ذريعة لمآربهم الفاسدة , مثل:

====================صفحة11

1- إثارة الفكرة القديمة البائدة , التي تدعو إلى رفض السُنّة والحديث , والاكتفاء بالقرآن الكريم مصدراً وحيداً للتعاليم الإسلاميّة.

2- التشكيك في النصوص التي تحويها كتبُ الحديث الشريف , باعتبار تأخُّر تدوينه , إلى ما بعد مائة عامٍ , فلا بُدّ -كما يدّ عون ! - أنْ تكونَ مجموعة كبيرة منها قد ضاعتْ ? أتلفتْ , أو حُرِّ فَتْ , أو نُسِيَتْ ,أو نُقِلَتْ بالمعنى , وغير ذلك من الشبهات..

3- اتّهام الإسلام بالتخلُف عن ? كب الحضارة الهادر , حيثُ منع كبارُ رجاله من تدوين الحديث النبويّ في وقتٍ مبكّر..

وبالتالي : فإنّ الأعداء يهدِفون - اعتماداً على المنع المذكور - إلى القضاء على الإسلام , الذي يبتني في أكثر تعاليمه , على الحديث الشريف , باعتباره أكبر مصادرها سعةً , وأهمُّها - بعد القُرآن - حُجّيةً واعتبارا.

فكان من الضروريّ التصدّي لهذا البحث , العلميّ العمليّ , لتبرزَ الحقائقُ ناصعةً مُسْفرةً..

ورأينا - إسهاماً في خدمة الحديث الشريف - أنْ نُفْرِد لهذا البحث المهمّ , هذه الدراسةَ , محاولين - قدرَ الوُ سْع والجهد - استيعابَها لما قيل , أو يمكن أنْ يقال , في هذا المجال.

ونرجو من الله التوفيق ? لى الصواب , هو نعم المولى وإليه المآب.

وكتب

السيّد محمّد رضا الحُسينيّ الجلاليّ

غُرّة شهر رمضان المبارك 1412 هجرية

====================صفحة 12

=====================صفحة13

المقدّ مة

موجز من تاريخ الخلاف .

وتحديد أقسام البحث .

========================صفحة 14

=========================صفحة15

التزمَ الكثيرون من العامّة بأنّ الحديث تأخَّرَ تدوينُهُ إلى نهاية القرن الأوّل من الهجرة , وهم بينَ:

1- مَنْ يقول بأنّ بداية التدوين كانتْ في أوّل القرن الثاني.

2- ومَنْ يقول بتأخُّرها عن ذلك , أيضاً .

قالوا : إنّ عمر بن عبد العزيز - الخليفة الأمويّ - قامَ بإصْدار أوّل أمْرٍ رسميٍّ بتدوين الحديث:

قال الحافظ السيوطيّ ( ? 911 هـ) : ابتداءُ تدوين الحديث , وقعَ على رأس المائة , في خلافة عمر بن عبد العزيز , بأمره(1) .

وقد نُقلَ أمرُهُ بذلك , بنصوصٍ متغايرةٍ , وإلى أشخاص متعدّ دين , في جهات مختلفة:

فكتبَ إلى الآفاق , يقول : انظروا حديث رسول الله صلّىالله عليه وآله وسلّم ,

الهامش:

(1) تدريب الراوي ( 1/40).

==================صفحة16

فاجْمَعُوه (1).

وكتبَ إلى أهل المدينة , يقول : انظروا ما كان من حديث رسول الله صلّى الله عليه , فاكتبوه , فإنّي خفتُ دُرُوسَ العلم وذهابَ العُلماء (2).

وكتبَ رسالةً إلى أبي بكر بن حَزمٍ , يقول فيها : انظر ما كان من حديث رسول الله صلّى الله عليه … فاكتبه , فإنّي قد خشيتُ دُرُوسَ العلم , وذهابَ العُلماء (3)..

وروى البخاريُّ هذه الرسالةَ بزيادة قوله : ولا تقبلْ إلاّ حديثَ النبيّ صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم , ولْتُفْشُوا العلمَ , ولتجلسوا حتّى يَعْلَمَ مَنْ لا يَعْلمُ , فإنّ العلم لا يهلكُ حتّى يكونَ سِرّ اً (4)..

وفي بعض المصادر : أنّ عمر كتبَ إليه يقول : أمّا بعد , فأْمُرْ أهْلَ العلم في أنْ يذكُروا العلمَ في مساجدهم , فإنّ السُنّة كانتْ قد أميتَتْ (5).

وقام ابن حزم بالمُهمّة , فجمعَ الأحاديث في كتاب (6).

الهامش:

(1) تدريب الراوي (1/41) والتنبئة للسيوطي (?51) والرسالة المستطرفة للكتاني ( ? 4).

(2) تقييد العلم ( ? 106 ) ومحاسن الاصطلاح للبلقيني ( ? 103)..

(3) تقييد العلم ( ? 5- 106) وانظر تدريب الراوي (1/40).

(4) صحيح البخاري (1/36 ) باب كيفَ يقبض العلم, من كتاب العلم , وانظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (8/480) وتاريخ التراث العربي , لسزكين ( ?1 مج1/228) الهامش, والتنبئة, للسيوطيّ (?15) نقلاً عن ذمّ الكلام للهرويّ .(5) أدب الإملاء ? الاستملاء (?44) وانظر : الطبقات , لابن سعد ( 2/134) ? ? رشاد الساري (1/6) والجامع لأخلاق الراوي (2/2-73).

(6) حاشية الزرقاني على موطأ مالك (1/10).

=========================صفحة 17

وكتب عمر - أيضاً - إلى مُرّة بن كثير يأمُرُه بتدوين الحديث (1).

كما أصدر إلى ابن شهاب الزُهْريّ أمْراً بتدوين الحديث , فقامَ هذا بالأمر .

وكان عمر يبعث إلى كلّ أرضٍ دفتراَ من دفاتر الزُهْريّ (2).

وكان الزُهْريّ يذكرُ تدوينَه للحديث , معتدّاً به , فيقولُ : لم يُدوِّ نْ هذا العلمَ أحدٌ قبل تدويني (3).

بالرغم من أنّ الزُهْريّ كانَ ممّنْ يكرهُ الكتابةَ , وكانَ يُعْلِنُ عن كراهته فقد قال : كُنّا نكرهُ كتابةَ العلم , حتّى أكْرَهَنا عليه السلطانُ , فكرِ هْنا أنْ نمْنعهُ أحداً (4).

وقال أيضاً : كُنّا نكرهُ كتابَ العلم , حتّى أكْرَهنا عليه هؤلاءِ الأمَراءُ , فرأينا أن لا نمنعه أحداً من المسلمين (5).

وقال : لولا أحاديثُ سالَتْ علينا من المشرِق , نُنكرِها , لا نعرفُها , ما كتبتُ حديثاً , ولا أذنتُ في كتابه (6).

الهامش:

(1) الطبقات , لابن سعد (7 /447).

(2) جامع بيان العلم , للقرطبي (1/76) .

(3) تهذيب التهذيب (9/449) والرسالة المستطرفة (?4).

(4) سنن الدارمي (1/92) ?410.

(5) طبقات ابن سعد ( الجزء المتمّم ) ( ? 169) وأخرجه المعلّق عن طبقات ابن سعد (2/389 ) وحلية الأولياء لأبي نعيم (3/363).

(6) طبقات ابن سعد ( الجزء المتمّم ) ( ? 166).

=======================صفحة 18

ويُستفادُ منه - كما يقول ابنُ حجر - : ابتداءُ تدوين الحديث النبويّ , وأنّ أوّ ? مَنْ دوَّ نَهُ بأمر عمر , هو ابنُ شهاب الزُهْريّ (1).

وقد طارتْ شُهْرةُ الزُهْريّ باعتباره أوّل مَنْ دوَّنَ الحديثَ (2).

أقول : وبما أنّ عمر بن عبد العزيز قد تُوُفيَ سنة (101) فإنَّ هذا التاريخ يكون- عند هؤلاء - هو بداية تدوين الحديث , على أبعد الفروض.

على أنَّ بعض المصادر تشيرُ إلى أنَّ عمر بن عبد العزيز - وإنْ أصدرَ أمراً بالتدوين - إلاّ أنَّ أمرهُ لم يُنَفَّذْ في حياته (3).

وقد يكون مع هذا الرأي كلُّ مَنْ أخَّرَ تاريخ ابتداء التدوين إلى سنواتٍ أبعدَ من بداية القرن الثاني.

قال ابن حجر : جمعُ الحديث إلى مثله في بابٍ واحدٍ , سبق إليه الشعبيُّ (? 104)(4).

و هذا النوع من التأليف , وإنْ كان يُعَدُّ تصنيفاً لنوعٍ معيَّنٍ من الأحاديث , إلاّ أنَّه تدوينٌ له على كلِّ حالٍ , إنْ لم نَقُلْ بأنَّه أفضلُ أشكال التدوين المجرَّد , فهو أخصُّ أشكاله قطعاً.

وقال الذهبيُّ : إنَّ خالد بن معدان الحمْصيّ (? 104) لقي سبعين صحابيَّا

الهامش:

(1)تدريب الراوي (1/41) ? الرسالة المستطرفة (? 4) والحديث ? المحدثون (?221).

(2) تاريخ التراث العربي (1/مج1/228) وانظر مصادره العديدة.

(3) انظر تاريخ التراث العربي (مج1/?1/228).

(3) تدريب الراوي (1/40).

======================صفحة 19

وكان يكتب الحديث , وله مصنَّفاتٌ , وكان علمه في مُصْحَفٍ له أزرارٌ وعُرى (1).

وقال أبو طالب المكِّيّ (?381 هـ ): كرِهَ كَتْبَ الحديث الطبقةُ الأولى من التابعين … وأجازَ ذلك مَنْ بعدهم , وما حَدَثَ التصنيفُ إلاّ بعد موت الحسن (البصريّ ? 110هـ) ? ابن المُسيَّب ( ? 94 أو 105هـ ) (2).

وقال الغزَّاليّ ( ? 505 هـ ): الكُتُبُ والتصانيفُ محدثةٌ ولم يكن شيء منها زمن الصحابة وصدر التابعين , وإنَّما حَدَثَ بعد سنة (120هـ) وبعد وفاة جميع الصحابة وجلَّة التابعين , وبعد وفاة سعيد بن المُسيَّب (? 105هـ) والحسن(البصري ?110 هـ) وخيار التابعين , بل كان الأوَّلون يكرهون كتب الحديث , وتصنيف الكتب (2).

وأمر هشامُ بن عبد الملك ( ?125هـ) ابنَ شهاب الزُهْريَّ (?124هـ) أنْ يُمْلِيَ على أولاده الحديث , فأمْلى عليهم أربعمائة حديث (4).

ويعتقدُ البعضُ : أنَّ أوَّل مُصنَّفٍ وُضِعَ في علم الحديث - عامَّةً ! - هو كتاب ألّفه همَّامُ بن مُنَبِّه ( ?131 هـ) فقد جَمَعَ رواياتٍ عن أبي هُريْرة , في كتاب باسم ?( الصحيفة الصحيحة ) (5).

الهامش:

(1) تذكرة الحفاظ (1/93) وانظر الحديث والمحدثون (?221).

(2) قوت القلوب (1/159) وانظر الرسالة المستطرفة (? 8 - 9) ودلائل

التوثيق المبكر(?235).

(3) إحياء علوم الدين (1/79) ? بولاق.

(4) الإلماع , للقاضي عياض (?243) وتهذيب التهذيب (9/449).

(5) مصادر الفكر العربي الإسلامي في اليمن , للحبشي (?38).

======================صفحة 20

ويرى الذهبيُّ : أنَّ أوَّل زمن التصنيف , وتدوين السُنَن , وتأليف الفروع , بعد انقراض دولة بني أميَّة , وتحوُّل الدولة إلى بني العبَّاس (سنة 132هـ) (1).

وقال الذهبيُّ – أيضاً – في حوادث سنة (143هـ) : وفي هذا العصر , شَرَعَ علماءُ الإسلام في تدوين الحديث , والفقه , والتفسير , … , وكَثُرَ تبويبُ العلم وتدوينُه, … , وقبل هذا العصر كان سائرُ العلماء يتكلَّمون من حفظهم , ويروون العلم عن صُحُفٍ غير مرتَّبةٍ (2).

ويظهرُ من الذهبيّ أنَّ آخر زمان التابعين هو عصرُ التدوين.

وآخر التابعين موتاً هو خلفُ بن خليفة , مات سنة (180هـ) قال الذهبيُّ : شرعَ الكبار في تدوين السُنَن وتأليف الفروع وتصنيف العربيّة , ثمّ كَثُرَ ذلك في أيّام الرشيد وأخذ حفظُ العلماء ينقصُ , ودوِّنت الكتبُ واتَّكلوا عليها , وإنّما كان قبلَ ذلك علمُ الصحابة والتابعين في الصدور فهي كانت خزائنَ العلم لهم (*).

ويعتقد الكثيرون : أنَّ أوَّل مَنْ صنَّفَ هو ابنُ جُرَيْجٍ ( ?150 هـ) (3).

قال ابن الأثير : انتهى الأمرُ إلى زمن جماعةٍ من الأئمَّة مثل : عبد الملك بن جُرَيْج , ومالك بن أنَسٍ , وغيرهما ممَّنْ كان في عصرهما , فدوَّنوا الحديث , حتَّى قيل: إنَّ أوَّل كتابٍ صُنِّفَ في الإسلام :كتابُ ابن جُرَ يْج (4).

وقال ابن حجر : لمّا انتشرَ العُلماءُ في الأمصار , وكثُرَ الابْتداع دُوِّنَت [ الآثار ] ممزوجةً بأقوال الصحابة , وفتاوى التابعين وغيرهم , فأوَّلُ مَنْ جمعَ ذلك ابنُ جُرَيْج (?150هـ) بمكَّة , وابن إسحاق (?151هـ)

الهامش:

(1) تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام ( ? 279).

(2) النجوم الزاهرة , للتغري بردي (1/351) ودراسات في الحديث والمحدّثين , للحسني (?24).

(*) تذكرة الحفّاظ (1/159- 160).

(3) الجرح والتعديل , للرازيّ (1/184)تاريخ بغداد (10/400) دائرة معارف وجدي ( مادة : حدث)..

(4) جامع الأصول,لابن الأثير (1/41).

=======================صفحة 21

أو مالك ( ? 179هـ) بالمدينة , والربيع بن صَبيح ( ? 160هـ ) أو سعيد بن أبي عَروبة ( ? 156هـ) أو حَّماد بن سلمة (? 167هـ) بالبصرة , وسُفْيان الثوريّ ( ? 161هـ) بالكوفة , ? الأوزاعيّ (? 157هـ ) بالشام , وهشيم (? 183هـ) بواسط , ومُعَمَّر (? 153هـ) باليمن , وجرير بن عبد الحميد (? 188هـ ) بالريّ , وابن المبارك (? 181هـ) بخراسان (1).

قال العراقيّ , وابن حجر: وكان هؤلاء في عصرٍ واحدٍ , فلا ندري أيُّهم أسبق ?(2).

وأضافَ الذهبيّ على هؤلاء مَنْ ذكرهم بقوله : وصنّفَ أبو حنيفة (? 150هـ) الفقه والرأي , بالكوفة , وابن إسحاق ( ? 151هـ ) المغازي , وصنّف الليث بن سعد (? 157هـ ) وعبد الله بن لهيعة (? 174هـ ) والقاضي أبو يوسف (? 182هـ ) وابن وهب (? 197هـ )..

وقال ابن حجر: ثمّ تلا المذكورينَ كثيرٍ من أهل عصرهم , إلى أنْ رأى بعض الأئمّة أنَّ تفرَّدَ أحاديثَ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم خاصّة, وذلك على رأس المأئتين , … , ثمّ اقتفى الأئمّة آثارهم , فقلّ إمامٌ من الحفّاظ إلاّ وصنّف حديثه على المسانيد , … , ومنهم من صنّف على الأبواب وعلى المسانيد معاً (3).

وهكذا نجد أنَّ هؤلاء , الملتزمين بتأخُّر تدوين الحديث عن القرن الأوّل يختلفون في ما بينهم في تحديد زمان البداية الأولى للتدوين:

الهامش:

(1) هد ? الساري , مقدمة فتح الباري (1/17) وانظر الجامع لأخلاق الراوي (2/ 425- 427 ) ? مفتاح السنة للخولي (?21).

(2) تدريب الراوي (1/40) والمصادر السابقة..

(3) هدى الساري (1/18) وانظر تدريب الراوي (1/40).

========================صفحة22

فمن قائل بأنّه سنة (101هـ) وهو أقدم تاريخ ذكروه لذلك , ثمّ سنة (104هـ ) ثمّ سنة (105-110هـ )ثمّ سنة (125هـ )ثمّ سنة (131هـ ) ثمّ سنة (132هـ ) ثمّ سنة (134هـ ) ثمّ بين السنوات (150- 197هـ)..

وقد يتصوَّ ? أنَّ هذه الأقوال غير متنافيةٍ , لأنَّ بعضها –وخاصةً الأخير – ينظر إلى التصنيف , لا إلى مجرَّ ? التدوين ! وهذا التصوُّ ? يعتمد فكرة التفريق بين التصنيف والتدوين ,كما يحاول البعض التأكيد عليه (1).

لكنّا لم نجدْ فرقاً بين الأمرين , ويدلُّ على عدم التفرقة أنَّ عبارة التدوين أطْلقتْ في ما نقلناه من كلماتهم حتَّى على المصنَّفات المتأخِّرة.

ومهما يكن , فإنَّ رأيهم استقرَّ على التأليف بعد القرن الثاني , وصدرت المؤلَّفاتُ الجامعة للحديث الشريف على اختلاف المناهج , كالمسانيد, والمصنَّفات , والصِحاح , وغير ذلك.

ولكنَّ الذي يجمعُ بين تلك الأقوال - كلِّها , على اختلافها - هو : الاتِّفاقُ على عدم تقدُّم زمان التدوين على نهاية القرن الأوَّل ! .

وعلى هذا : فما قاله الإمامُ السيّد شرفُ الدين الموسويّ العامليّ رحمه الله , من ? أنَّ الإجماعَ قائمٌ على أنَّه ليس لعُلماء العامَّة , في العصر الأوّل , تأليفٌ , خاصّةً في علم الحديث (2).

مستندٌ إلى هذا الاتِّفاق , الملتزَم به من قِبَل العامّة - أنفسهم - في أمر التدوين.

الهامش:

(1) لاحظ تاريخ التراث العربي , لسز كين (1/مج 1/ 7 – 228).

(2) مؤلِّفو الشيعة في صدر الإسلام ( ? 13) والمراجعات لشرف الدين المراجعة رقم(110).

========================صفحة 23

ولقد أثارَ هذا الالتزامُ عدَّةَ تساؤلاتٍ صعبةً :

1- فلماذا أغفلَ أهلُ الإسلام - دينِ الحضارة ? التمدُّ ? - هذا العملَ الحضاريَّ , الذي يُعْتَبَرُ ْمكرمةً إلهيّة للإنسان , فامتنعوا من تدوين الحديث , أهمّ مصادر الشريعة , وأعظمها بعد القُرآن الكريم؟

2 - أليسَ تركُ التدوين طيلةَ مائةَ سنةٍ – وهو تمامُ القرن الأوَل – تعريضاً للحديث إلى الضياع , والتلف , والنسيان , والإبادة ؟؟ .

3 - وماذا كان الضر رُ , لو دُوِّنَت السُنّةُ , في عهدٍ مبكِّرٍ , وحُفظتْ , كما كتبَ القرآنُ الكريمُ وحُفظَ ? ومَنْ كان المتضرّرُ من ذلك , لو تَّم التدوينُ؟؟؟؟

4 - لماذا ناقضَ المسلمون أنفسَهم , وخالفوا كُبراءهم من الصحابة وبعض التابعين , الذين منعوا التدوينَ , فجاء مَنْ بعدَهم , فعمدوا بعد قرنٍ من الزمان , إلى كتابة الحديث وتدوينه ؟؟؟؟؟

كما فتحَ هذا الالتزامُ , لأعداء الإسلام , أبوابَ النقد والاعتراض , واستهداف الشريعة الإسلاميّة , بالطعن على ثاني مصادر التشريع , بأنَّه منفصلٌ عن مصادره الأصيلة طيلةَ قرنٍ من الأعوام , على أقلِّ تقديرٍ , فلا تبقى ثِقَةٌ بنصوصها المنقولة !!

كما وجَّهَ المغرضُون , من المستشرِقين والمستغرِبين (1) سِهامَ نقدهم الملطَّخة بِسُموم حقدهم , إلى ساحة الدين الإسلاميّ , فوصموه بالأميّة والصَدِّ عن التثقيف!!!

الهامش:

(1) نعني بالمستغرِبين : تلك الشرذمة من أولاد المسلمين الذين استعبدتْهم الثقافةُ الغربيّة , فهووها , ودعوا إليها , إلى حدّ العمالة العَمْياء للغَرْب , ولكلِّ ما هو غربيّ , ولو على حِساب دينهم ووطنهم وثقافتهم وحضارتهم.

وأمّا المستشرقون : فللتعرُّف على مواقفهم من السنّة راجع : المستشرقون ومصادر التشريع الإسلامي (? 79- 123).

=======================صفحة 24

وقد حاو ? أنصار ذلك الرأي الدفاعَ , وقدَّموا لذلك تبريراتٍ عديدةً , مختلفةً , جمعناها في القسم الثاني من هذه الدراسة.

وطلباً منَّا للحقيقة , لم نكتفِ بمجرَّ ? النقل , بل ناقَشْنا كلَّ ما ذكروه بهذا الصدد , مناقشةَ موضوعيَّة جذريَّة.

وتوصَّلنا - بتوفيقٍ من الله - إلى القول الفصل في وجه الالتزام بذلك الرأي , والعلّة الأساسيَّة لمنع تدوين الحديث من قِبَل المانعين , وغرضهم الذي راموه من ? راء عمليَّة منع التدوين.

وأمّا القسمُ الأوّل من هذه الدراسة : فقد أوردنا فيه الرأي الإسلاميّ , المعارض للرأي السابق , والذي لا يبقى معه مجال لأيِّ اعتراضٍ على الحديث الشريف , وتندفعُ به كلُّ التُهَم المغرضة التي وجَّهها أعداءُ الإسلام إليه , وهذا الرأي يقول : إنَّ الكتابةَ عمليّةٌ حضاريّةٌ , أقرَّها الإسلامُ بكلِّ تصميمٍ وقوَّةٍ , واستعملَها في تدوين الشريعة ومصادرها بأوْسَع ما يُمكن , فكان القرآنُ الكريمُ يُكْتَبُ فورَ نُزوله , بيد كتَّاب الوَ حْيْ , الذين بلغ عددهم الأربعين شخصاً , وبإشرافٍ تامٍّ من الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم.

============================صفحة 25

كما حثَّ الإسلامُ على تعلُّم الكتابة ومُزاولتها , بأساليبَ عديدةٍ , وفي نصوصٍ متضافرةٍ , في القُرآن , والسُنّة , ومن خلال سيرة عُلماء الإسلام وتصرُّفاتهم. ولم يكن الحديثُ الشريف مستثنىً من ذلك , بلْ بَذَلَ الرسولُ صلّى الله عليه وآله وسلّم جُهْداً بليغاً في الحثّ على كتابته وتدوينه , بعد أنْ صدعَ بأمر تبليغه وبثِّه , فقد أمَرَ بتدوينه , ودفع كثيراً من الصحابة إلى مُزاولته , كما أملى هو صلّى الله عليه وآله كثيراً من السُنَن ليكتبها أصحابُه.

وقد تمَّتْ في عصره صلّى الله عليه وآله وسلّم - وبمرأىً منه ومسمعٍ -كتابةُ الكثير من الحديث الشريف , في المجاميع , والصُحُف , والكُتُب , بما يدلُّ بوضوح على تقريره صلّى الله عليه وآله لجواز التدوين , وإمضائه والرضا به

ويعتبرُُ أصحابُ هذا الرأي , الرسولَ الكريمَ نفسَه صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم , رائدَ الآمِرينَ بكتابة الحديث , وقائدَ القائمينَ بتدوينه , وضبطه , ويأتي كِبارُ الصحابة الأبرار في مقدَّمة الملتزمين بهذا الرأي , وكثيرٌ منهمْ قام بالتدوين , وقد خلَّفوا آثاراً حميدةً , تدلُّ على عدم انصياعهم لأوامر المانعين , بل معارضتهم لمنع التدوين.

وأمّا أهْلُ البيت عليهم السلام , فقد أجْمعوا - كافّةً - على التدوين ومعارضة المنع , قولاً , وعملاّ.

وقد جمعنا كلَّ ذلك في القسم الأوَّل من هذه الدراسة.

=======================صفحة 26

ولخصنا البحثَ كلَّه في خاتمةٍ لكُلٍّ من القسمين بُغْيَة تنظيم فكرة واضحة عنه , وسردنا فيها مجمل ما في القسمين , وخلاصة مقتضبة عمّا توصّلنا إليه من نتائج.

وقد التزمنا بالأمانة التامَّة في نقل النصوص , والإشارة المضبوطة إلى مصادرها ,كما أرجعنا إلى المزيد من مراجع البحث , تكميلاً للفائدة.

ووضعنا ما أضفناه على النصوص – أحياناً - بين [ معقوفتين ] تمييزاً له, كما أنا ميَّزْنا ما حذفناه بوضع نقاطٍ ثلاث (…) في موضعه من النصوص.

وأضفنا إلى جملة الصلاة على النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ذكر( آله )حيثما لم يردْ في المصادر , حذراً من أنَ تبقى الصلاةُ عليه بتراءَ , وقد نهى صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم عنها , في ما رواه المسلمون كافَّةً (1).

وعيَّنا المصادر التي راجعناها , بطبعاتها الخاصَّة , في فهرس المصادر,كما أعْددنا للدراسة فهارس مناسبة لموضوع البحث.

والله وليُّ التوفيق.

الهامش:

انظر : الصواعق المحرقة لابن حجر (?87) ورشفة الصادي (?33) ووسائل الشيعة للعامليّ , كتاب الصلاة , أبواب الذكر ? (24) ?2رقم 9112 (? 7/202 ) طبع قم , الحديث 5? 6?17, والاعتصام بحبل الله المتين للقاسم بن محمد من أئمَّة الزيديّة (2/ 134).