ارسال السریع للأسئلة
تحدیث: ١٤٤٥/١٢/١٨ السیرة الذاتیة کتب مقالات الصور دروس محاضرات أسئلة أخبار التواصل معنا
فهرست کتاب‌‌ لیست کتاب‌ها
■ دليل الكتاب
■ تقديم
■ المقدمة
■ القسم الأول: جواز التدوين منذ عهد الرسالة , وأدلة المبيحين
■ تمهيد :ما هو الأصل في حكم التدوين ?
■ الفصل الأو ? : عرف العقلاء والتدوين
■ الكتابة أمر حضاري
■ الكتابة في القرآن
■ الكتابة في السنة ? الأثر
■ القرآن والكتابة
■ السنة والكتابة
■ الفصل الثاني : السنة النبوي ? والتدوين
■ السنة التقريرية
■ السنة الفعلية
■ صحيفة النبي صلى الله عليه وآله التي كانت عند علي عليه السلام
■ كتاب علي عليه السلام
■ كتاب فاطمة عليها السلام
■ ما كتبه النبي صلى الله عليه وآله إلى عماله
■ وأخيرا
■ السنة القولية
■ ما ورد بلفظ الأمر بالكتابة والتقييد
■ ما فيه الإذ ? بالكتابة والتقييد
■ ما ورد فيه لفظ الكتابة وتصاريفها
■ ما ذكر فيه شيء من أدوات الكتابة
■ تعليق على الفصل الثاني
■ الفصل الثالث : إجماع أهل البيت عليهم السلام على التدوين.
■ حجية إجماع أهل البيت عليهم السلام
■ ما ورد عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام
■ في مجال التصنيف
■ كتاب في علوم القرآن
■ كتاب السنن والأحكام
■ عهد الأشتر
■ التعليقة النحوية
■ في مجال الروايات والآثار
■ ما ورد عن الإمام الحسن السبط عليه السلام
■ ما ورد عن الإمام الحسين السبط عليه السلام
■ ما ورد عن الإمام علي بن الحسين زين العابدين السجاد عليه السلام
■ ما ورد عن الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام
■ في الأقوال
■ في المؤلفات
■ ما ورد عن الشهيد زيد عليه السلام
■ ما ورد عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام
■ في الأحاديث
■ في المؤلفات
■ ما ورد عن الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام
■ ما ورد عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام
■ ما ورد عن الإمام محمد بن علي الجواد عليه السلام
■ ما ورد عن الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام
■ ما ورد عن الإمام الحسن بن علي العسكري عليه السلام
■ ما ورد عن الإمام المهدي الحج ? المنتظر عليه السلام
■ تعليق على الفصل الثالث
■ الفصل الرابع : سيرة المسلمين على التدوين
■ تمهيد
■ العهد الأو ل : عهد الصحابة
■ العهد الثاني عهد التابعين
■ خاتمة القسم الأول : خلاصة واستنتاج
■ القسم الثاني : مع المانعين للتدوين وتوجيهاتهم للمنع
■ تمهيد : متى بدأ منع التدوين
■ الفصل الأو ? : المنع الشرعي عن كتابة الحديث
■ أحاديث أبي سعيد الخدري
■ أحاديث أبي هريرة
■ أحاديث زيد بن ثابت
■ المناقشات العامة في الأحاديث المرفوعة الناهية
■ الجمع بين أحاديث الإباحة والمنع
■ أن النهي عام والإذن خاص
■ أن الإذن ناسخ للنهي
■ أن النهي خاص والإذن عام
■ رأينا في الجمع
■ الفصل الثاني : الخوف من اختلاط الحديث بالقرآن:
■ المناقشات في هذا:أن نسبة الخوف من ذلك إلى الشارع غير مقبولة
■ لماذا كتب القرآن مع أنه معجزه
■ بقية المناقشات في هذا التبرير
■ الفصل الثالث : التخوف من ترك القرآن والاشتغال بغيره
■ المناقشة في هذا التبرير
■ الاشتغال بالحديث ليس مؤديا إلى ترك القرآن
■ ليس الصحابة متهمين بترك القرآن
■ المؤدي إلى ترك القرآن هو المناقض له
■ أحاديث التهو ? الذي حذر عنه الرسول
■ السنة الشريفة لا تعارض القرآن بل هي امتداد له
■ الفصل بين السنة والقرآن ضلال
■ الأصل في الحكم بضلال الفاصل بينها هو الرسول
■ أحاديث الأريكة من دلائل النبو ه
■ معنى الأريكة ? دلالة أحاديثها
■ دفاع الخطابي وتأويله لأحاديث الأريكة
■ دفاع الذهبي وتأويله لأحاديث الأريكة
■ قول حسبنا كتاب الله مأثور عن من؟
■ الدعوة إلى نبذ السنة في نظر القدماء و المعاصرين
■ الفصل الرابع : الاستغناء بالحفظ عن التدوين
■ المناقشات في ذلك
■ ١ - أن ذلك لا يدل على حرمة الكتابة
■ ٢ - أن الحفظ ليس من الواجبات فلا يعلق عليه أمر واجب
■ ٣ - الكتابة لا تنافي الحفظ بل تؤيده وتؤكده
■ ٤ - الاعتماد على مجرد الحفظ يؤدي إلى الأوهام
■ بعض المقارنات بين الحفظ ? الكتابة
■ هل الحفظ أعظم فائدة من الكتابة ?
■ الفصل الخامس : عدم معرفة المحدثين للكتابة
■ المناقشة في هذا التبرير
■ ١ - الكتابة أصبحت في الإسلام واسعة الانتشار
■ ٢ - أن ذلك لم يمنع عن الكتابة , كما لم يمنع عن كتابة القرآن
■ ٣ - انهم لم يمتنعوا بل مُنعوا
■ الفرق بين القرآن ? السنة في أمر التدوين
■ الفصل السادس : القول الفصل في سبب المنع
■ المنع لم يكن إلا رأيا للصحابة
■ المصلحة المهمة في نظر المانعين وشروطها
■ رواية ابن مسعود الدالة على المصلحة
■ الأحاديث الممنوعة هي غير أحاديث الفرائض والسنن
■ التدبير السياسي ضد أهل البيت عليهم السلام
■ المصلحة هي إخفاء الأحاديث على فضل أهل البيت
■ لزوم منع رواية الحديث أيضا
■ الملحق الأول : المنع عن رواية الحديث
■ أبو بكر يمنع الحديث رواية ونقلا
■ دفاع الذهبي عن أبي بكر, ورد ?
■ عمر و رواية الحديث
■ ١ - يمنع وفد الكوفة
■ ٢ - يمنع صحابة كبارا
■ ٣ - يمنع عام ? الناس
■ ٤- يهد ? الصحابة على الحديث ? ينهاهم
■ ٥ - يحبس الصحابة كيلا يرووا عن رسول الله
■ توجيهات العام ? لإقدام عمر على المنع وخاصة حبس الصحابة
■ ١ - توجيه الخطيب البغدادي : بالاحتياط للدين
■ ٢ - توجيه ابن حزم بر ? الحديث سندا ودلالة
■ ٣ - توجيه ابن عبد البر
■ ٤ - توجيه ابن عساكر بالتشديد لئلا يتجاسر أحد على رواية ما لم يتحقق
■ ٥ - توجيه ابن قتيبة : بالإقلال لئلا يتسع الناس في الرواية
■ بعض المعاصرين يجعل الإقلال من قوانين الرواية
■ محمد عجاج الخطيب يعارض روايات الحبس
■ الهدف من منع الرواية هو الهدف من منع التدوين
■ منع الحديث سنة للحكام
■ عثمان بمنع رواية الحديث
■ معاوية يمنع الحديث
■ رسالة معاوية إلى عم اله بمنع الحديث ووضعه
■ المسموح من الحديث في عهد معاوية هو المسموح في عهد عمر, ? الممنوع فيهما واحد
■ التوجيه المقبول للمنع
■ الملحق الثاني : آثار منع التدوين
■ ١ - اختفاء جملة من الحديث
■ نوعية الحديث الذي اختفى
■ ٢ - وضع الحديث
■ إهمال أثر المنع في أسباب الوضع عند المعاصرين
■ نوعية الحديث الموضوع
■ من هم الوضاعون
■ ٣ – اختلاف الحديث والتشكيك فيه
■ الاختلاف المذكور لا يؤدي إلى سقوط الحديث عن الحجية
■ نقل الحديث بالمعنى
■ نقل الحديث بالمعنى ليس مضر
■ محمود أبو رية يضل ? في هذا المجال
■ البلاغة لا تنكر في كلام الرسول
■ نقل الحديث بالمعنى وشروطه عند المحدثين
■ عدم التدوين ? حجية الحديث
■ بقية الردود على أبي رية
■ اختلاف الحديث بنظر الشيعة الامامية
■ من جعل الاختلاف سببا لعدم التدوين
■ ٤ - اتهام الدين الإسلامي بالتخلف
■ الرد عليه
■ ٥ - ? ? عاد أهل البيت عليهم السلام عن الساحة وابتعاد الناس عن أهل البيت عليهم السلام
■ هذا من أسوأ آثار منع الحديث تدوينا ورواية
■ إن هذا هو التدبير السياسي المنشود من المنع
■ نماذج من الروايات المضر ? للسلطات
■ ٦- ابعاد المسلمين عن أهل البيت عليهم السلام
■ التعدي على أهل البيت إلى حد القتل والسبي
■ ترك أهل البيت عليهم السلام في مجال الأحكام والالتزام بغيرهم , وهذا من أخطر الآثار والأضرار المترتبة على منع الحديث
■ اتهامهم لشيعة أهل البيت ورواة أحاديث الممنوعة
■ موقف المسلمين اليوم من أهل البيت وفضائلهم
■ صفات أتباع أهل البيت عليهم السلام والتزاماتهم
■ خاتمة القسم الثاني : خلاصة واستنتاج
■ تلخيص القسم الثاني
■ موقفنا من مسألة التدوين
■ موقف أمير المؤمنين عليه السلام
■ موقف أبي ذر
■ موقف أبن عباس
■ موقف علقمه
■ حصيلة الكتاب
■ الفهارس العامة
  1. الوهابيّون والبيوت المرفوعة للشيخ محمّد عليّ السنقريّ الحائريّ
  2. وصول الأخيار إلى أصول الأخبار
  3. الوسيلة العذراء للشاعر عبد الحسين شكر (ت هجري.)
  4. همزيّة التميميّ صالح بن درويش الكاظمي (ت 1261هجري.)
  5. النكت في مقدمات الاصول، في تعريف المصطلحات الكلامية
  6. نثر اللآليْ للطبرسيّ (ت 548 هجري.)
  7. مقدّمتان توثيقيتان للسيد المرعشيّ والسيد المشكاة
  8. مسند الحِبَريّ
  9. مختصر رسالة في أحوال الأخبار
  10. الكلمات المائة للجاحظ (ت 250 هجري. )
  11. فصل الخطاب في ردّ محمّد بن عبد الوهّاب النجديّ
  12. عروض البلاء على الأولياء
  13. عجالة المعرفة في اُصول الدين
  14. شفاء السقام بزيارة خير الأنام عليه السلام
  15. الرعاية في شرح البداية في علم الدراية
  16. الدرة الفاخرة في دراية الحديث
  17. الرسالة الرحمانيّة حول كتابة كلمة (الرحمن)
  18. رسالة الحقوق
  19. رسالة ابي غالب الزراري إلى ابن ابنه في ذكر آل أعين
  20. الرجال لابن الغضائري
  21. دفع الشبه عن الرسول والرسالة
  22. الخلاصة في علم الكلام
  23. خاتمة وسائل الشيعة
  24. الحكايات، في الفرق بين المعتزلة والشيعة
  25. الحقوق لمولانا زيد الشهيد عليه السلام
  26. تفسير الحِبَري أو ما نزل من القرآن في علي أمير المؤمنين عليه السلام تفسير بالحديث المأثور
  27. تسمية من قُتِل مع الحسين عليه السلام من ولده واخوته وشيعته
  28. تثبيت الإمامة لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام
  29. تاريخ أهل البيت عليهم السلام
  30. البداية في علم الدراية
  31. الباقيات الصالحات في أصول الدين الإسلامي عاى المذهب الإمامي
  32. إنجاح المطالب في الفوز بالمآرب
  33. الإمامة والتبصرة من الحَيْرة
  34. أسماء السور القرآنيّة، في مقطوعتين رائعتين في مدح النبيّ صلى الله عليه وآله
  35. الأُرجوزة اللطيفة في علوم البلاغة
  36. الأحاديث المقلوبة و جواباتها
  37. الإجازة الشاملة للسيّدة الفاضلة من الشيخ أبي المجد الأصفهاني للعلويّة الأمينيّة الهاشميّة
  38. آداب المتعلّمين
  39. نقد الحديث بين الاجتهاد والتقليد
  40. نظرات في تراث الشيخ المفيد
  41. المنهج الرجاليّ والعمل الرائد في (الموسوعة الرجالية لسيّد الطائفة آية الله العظمى البروجرديّ 1292 ـ 1380هجري)
  42. المنتقى النفيس من درر القواميس
  43. معجم أحاديث البسملة
  44. الموت أياتهاجاديثه احكامه
  45. القافية والرويّ في الشعر العربيّ
  46. ديوان الإجازات المنظومة
  47. دفاع عن القرآن الكريم
  48. حول نهضة الحسين عليه السلام
  49. الحسين عليه السلام سماته وسيرته
  50. جهاد الإمام السجّاد علي بن الحسين عليه السلام
  51. ثبت الأسانيد العوالي بطرق محمد رضا الحسيني الجلالي
  52. تدوين السنة الشريفة
  53. تحقيق النصوص يبن صعوبة المهمة وخطورة الهفوات، في النقد العلمي
  54. إيقاظُ الوَسْنان بالملاحظات على (فتح المنّان في مقدّمة لسان الميزان)
  55. أنا ـ ترجمة ذاتية للإمام أمير المؤمنين عليه السلام طبقاً للنصوص الموثوقة
  56. الأجوبة السديدة على أسئلة السيّدة الرشيدة
  57. الأجوبة الجلالية على الاسئلة الحلوانية
  58. أبو الحسن العُريضي، علي بن جعفر الصادق عليه السلام ترجمة حياته، ونشاطه العلميّ

رواية ابن مسعود الدالة على المصلحة

وبعد التأمّل العميق في ما يناسب أن يكون مصلحةً للمنع من قبل المانعين , تجتمع فيه العناصر المذكورة , علمنا _ بعون الله _ أن المصلحة إنما كانت

تدبيراً سياسيّاً من قبل الخلفاء ,وخاصّةً في الصدر الأوّل ,بعد وفاة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم .

وهذا التدبير السياسيّ واضح من خلال رواية ,رواها الخطيب البغدادي , بسنده , عن عبد الرحمن بن الأسود , عن أبيه , قال :جاء علقمة بكتاب من مكّة _ أو اليمن _ صحيفة فيها أحاديث , في أهل البيت _ بيت النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم _ فاستأذنّا على عبد الله , فدخلنا عليه , قال : فدفعنا إليه الصحيفة ,قال : فدعا الجارية , ثمّ دعا بطست فيها ماء .

فقلنا له : يا أبا عبد الرحمن , انظرْ فيها , فإنّ فيها أحاديث حساناً فجعل يميثها فيها , ويقول : ( نحن نقصّ عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن)

[ الآية (3) من سورة يوسف (12)] القلوب أوعية , فأشغلوها بالقرآن , ولا تشغلوها ما سواه(1).

إنّ الصحيفة المعرّضة للإبادة في هذا الحديث , واضحة المحتوى , فإنّ فيها أحاديث حساناً كما يقول علقمة .

كما أنّ موضوعها يرتبط بأهل البيت عليهم السلام , وكأنّ الراوي اعتنى بهذه النقطة , فاستعمل عطف البيان للتأكيد على المراد بأهل البيت , ولكي يلفت نظر عبد الله بن مسعود إلى أنهم أهل بيت النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم .

الهامش:

(1) تقييد العلم ( ? 54 ) ونقلها محمد عجاج الخطيب في أصول الحديث (? 155-156) .

=================?413

لكنّ عبد الله لم يعر اهتماماً , وأباد الصحيفة .

والتبريرات المذكورة لمنع التدوين , لا يجري شيء منها هنا :

فلا اختلاط لما في الصحيفة , بالقرآن .

وليس فيها ما يعارض القرآن وينافيه .

ولا فيها من خرافات أهل الكتاب شيء .

كما أن الاشتغال بها لا يؤدّي إلى ترك القرآن , لأنّ مجرّد أحاديث في صحيفة , لا تلهي عن القرآن .

ومع كلّ ذلك , فإنّ عبد الله قد أباد الصحيفة , محاولاً أنْ يوهم أنّ القرآن يغني عمّا فيها ? مع أنه كان مخطئاً في فرضه أنّ الاشتغال بالحديث هو اشتغال بما سوى القرآن , لأنّ الحديث لا ينفصل عن القرآن , بل هو يعضد ? .

ولو دقّقنا النظر في هذا الحديث , وجدنا أنّ محتواه هو الذي كان يضرّ السلطة الحاكمة , وينافي سياستها القائمة , لأنّ الأحاديث النبويّة الواردة في أهل البيت عليهم السلام , إنما تدلّ على فضلهم , وتوكّد على خلافتهم عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم , وتجعلهم قرناء للقرآن , ليكونوا هم وهو خليفتين له , من بعده .

وأمّا سائر أحاديث الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم , سواءٌ في الأحكام والفرائض , أو الآداب والسنن , فهي لا تمسّ كيان السلطة بشيء .

===================?414

ولذا لم يشملها المنع بنحو شديد , قداستثنيت من المنع حتى بصرة الإقلال :

قال عمر : أقلّوا الرواية عن رسول الله , إلاّ في ما يعمل به(1).

وقال الدارمي _ في شرح منع عمر عن الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم _ ما نصّه : معناه عندي الحديث عن أيّام رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ليس السنن والفرائض(2).

وإنّما أصدرت أوامر المنع وإجراءاته بصورة عامّة , فلأنّ التدبير السياسي يقتضي منع الحديث بالعموم , حتى يشمل المنع الأحاديث المضرّة بالسياسة .

وإنّما لم يخصّ المنع بما يضرّ , فلأن تخصيصها بالمنع يؤدّي إلى وضوح الهدف من المنع , وانكشاف المصلحة الموضوعة له .

والإعلان عن تلك المصلحة غير ممكن , لأنّه يوجّه الأنظار إليها بشكل أكثر تركيزا , فيوجب نقض الغرض المترقّب من المنع , ويعكس المصلحة إلى مفسدة لا تتدارك .

وإنّما خصّ أهل البيت عليهم السلام بذلك :

لأنّهم كانوا يعتبرون زعماء المعارضة السياسيّة, الذين بقوا في الساحة , وكان المسلمون يتطلّعون فيهم الخلافة ويعتقدون لهم الإمامة (3).

الهامش:

(1) البداية والنهاية لابن كثير (8/ 107) .

(2) سنن الدارمي (1/73) ? 286 , وانظر جامع بيان العلم (2/121) .

(3) اقرأ كتاب ( النظام السياسي في الإسلام) تأليف المحامي أحمد حسين يعقوب .

======================?415

وحجّتهم في ذلك الأعداد المتضافرة من الأحاديث النبويّة , التي تبلغ اليوم _ رغم بُعد الزمن , وعصف الأعاصير , ورغم كلّ عمليّات المنع , والإبادة , والتحريف _ تبلغ الآلاف (1).

فكيف بها تلك الأيّام , وهي لا تزال تمثُل لرواتها _ من الصحابة _بمنازلها , ومناظرها , وأحداثها , ومناسباتها , وأسبابها ? والنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لا يزال حيّاً في الخواطر , والأذهان , يحدّثهم بما لأهل بيته من فضل , وما لهم من منزلة ومقام ?!

ولا شك في أن كثيراً من أحاديث النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كانت تشيد بعليّ عليه السلام _ زعيم أهل بيت النبيّ _ عليه الصلاة والسلام ,وتنصُّ عليه بالولاية والإمامة , وكانت النصوص غضّةً , نضرةً , تنبض مشاهدها بالحياة , ويرنُّ صداها في الأسماع .

فلو كان مسموحاً للأمّة أن يتداولوها , ويحدّثوا بها , ويكتبوها , ويضبطوها لكانت ترتسم في الأذهان , وتعلق بالأفكار , وتنعقد عليها القلوب , وتبنى بها قواعد العقائد , فيكون لذلك تأثيرٌ سياسيٌّ عميقٌ على نظام الحكم , بلا ريب .

فكان المنع الرسمي للحديث أفضل تدبيرٍ سياسيٍّ , للوقوف في وجه ذلك .

فالمصلحة المنشودة من هذا التدبير , هي : إخفاء الأحاديث النبويّة التي تدل

على خلافة عليّ عليه السلام وإمامة أهل البيت عليهم السلام , بعد النبيّ صلّى

الله عليه وآله وسلّم .

الهامش:

(1) لاحظ شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد (4/73) .

=============?416

وهذه المصلحة تحتوي على العناصر المطلوبة , التي ذكرناها :

1 _ فهي خطرة للسلطة .

إذ لو نشرتْ هذه الأحاديث وأذيعتْ وتداولها الناس لما استقرّ الحكم قائماً ,

إذ هو اعتمد على أساليب أصدق ما يقال فيها أنها ( فلتة ) (1).

الهامش:

(1) وقد روى البخاري في صحيحه , كتاب المحار بين , باب رجم الحبلى من الزنى , الحديث الوحيد في الباب - وهو طويل - ومن خطبة عمر يوم الجمعة وفيه قوله : بلغني أنّ قائلاً منكم يقول :والله لو مات عمر بايعتُ فلاناً ,فلا يغترنَّ امرؤ أنْ يقول : إنما كانت بيعة أبي بكر فلتةً ,وتمّت ,ألا وإنها كانت كذلك , ولكن الله وقى شرّها .

وفي الحديث : من بايع رجلاً على [أو :عن ] غير مشورة من المسلمين , فلا يبايع [أو : يتابع ] هو ولا الذي بايعه تغرّة أنْ يقتلا .

صحيح البخاري - دار إحياء التراث العربي - ( ? 8 ? 210 - 211 )

وقال الخطابي : في حديث عمر : أنه قال : إنّ بيعة أبي بكر كانت فلتة , وقى الله شرها .

أقول : وبهذا اللفظ ورد في مصادر عديدة , إليك بعضها :

المصنف لعبد الرزاق الصنعاني ( 3/355?5/441) ومسند أحمد (1/56) وسيرة ابن هشام (4/308) وتاريخ الطبري (3/200 - 205 ) والملل والنحل للشهرستاني - الخلاف الخامس (1/30 - 31 ) والرياض النضرة (1/232) وشرح نهج البلاغة للحديدي (2/23) والكامل في التاريخ لابن الأثير (2/326) والنهاية لابن الأثير (3/175 ?467 )? تاريخ الخلفاء للسيوطي (? 51 ) .

والفلتة : فسّرها أهل الغريب بالأمر الفجائي يحدث من غير رويّة ولا إحكام فانظر الفائق للزمخشري (3/139) وغريب الحديث لأبي عبيد (2/231) ? (2/ 356) والنهاية لابن الاثير , والمعجم الوجيزتأليف مجمع اللغة العربية بالقاهرة .

والإمام أمير المؤمنين عليه السلام يقول عن بيعة الناس له : إنّ هذه بيعة عامة من ردّها رغب عن الإسلام , وانها لم تكن فلتةً . رواه الدينوري في الأخبار الطوال ( ? 140 ) وأنّ عليّاً عليه السلام قام خطيبا فقال :…

و رواه في الخطبة ( 136 ) من نهج البلاغة قوله عليه السلام : لم تكن بيعتكم إيّاي فلتةً ,قال صبحي الصالح : الفلتة : الأمر يقع من غير رويّة ولاتدبّر .

وقال الإمام الزيدي يحيى بن الحسين الهادي (?298هـ): أين الإجماع [ على خلافة أبي بكر ] وعمر يقول على المنبر :إنّ بيعة أبي بكر كانت فلتةً , وقى الله شرّها فمن عاد لمثلها فاقتلوه؟

وأضاف :والفلتة فهي النهزة والخلسة والاغترار والمبادرة ,فكيف يكون إجماع على شيء انتهز وبودر واختلس من أهله اختلاساً؟؟ تثبيت الإمامة (?13-14).

======================?417

فإذا تمكّن الإمام عليٌّ عليه السلام وأنصاره , من إظهار النصوص الشرعيّة الكثيرة المسندة , الدالّة بوضوح على أنّ عليّاً عليه السلام هو وليّ الأمر من بعد الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم , وهو الذي جعله النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بمنزلة هارون من موسى في كلّ شيء إلاّ النبوّة , وهو الذي قال فيه النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم :من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه, وانصر من نصره, واخذل من خذله .

فإذا ظهرتْ هذه النصوص للناس , لما بقي الوضع على قراره .

2 _ إنّ هذا الإخفاء لم يقبل من قبل المعرضة المتمثلة في الإمام عليه السلام وأنصاره .بل تزعّم الإمام القول بإباحة التدوين , ولم ينصعْ , لا هو ولا أنصاره لأوامر المنع من التدوين , ولا لأوامر منع نقل الحديث , كما سيأتي , فقاوموا كلّ ذلك بصلابة .

3 _ إنّ تلك الأحاديث فيها الكثير مما قرن فيه الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم بين عليّ وأهل بيته , وبين القرآن .

كما في حديث : عليّ مع القرآن , والقرآن مع عليّ (1).

الهامش:

(1) حديث معروف رواه الحفاط , وقد فصّلنا الكلام حوله في مقدّمة تفسير الحبري ( ? 153-163) .

================?418

وحديث الثقلين , الذي فيه : إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي

أهل بيتي(1).

4 _ إنّ الإخفاء قد أثّر آثاره العميقة في الأمّة في صدر القرن الأوّل :

وامتداد المنع الرسميّ إلى نهاية القرن الأوّل كان كافياً لطمس معالم تلك الأحاديث بشكلٍ وافٍ , فلذلك لم يعدْ لإظهارها بعد ذلك أيّ أثرٍ معاكس على السلطات , فلذلك رفع المنع المذكور .

كما لم يبق مبرّر لاستمرار لعن عليّ أمير المؤمنين عليه السلام على المنابر,بعد أن ملأوا به الأجواء وربّوا عليه الأجيال ,فرفع في هذا الكقت بالذات؟

إنّ وجودهذه العناصر في هذه المصلحة , وعدم تصوّر مصلحة أخرى , تؤكّد صحة أن يكون السبب الأساس لمنع تدوين الحديث هو هذا التدبير السياسي .

ولقد ذكر المعلمي _ أحد كبار علماء التسنن المعاصرين _ في تعليق له على مرسل ابن أبي مليكة _ المحتوي على منع أبي بكر للناس عن الحديث بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم(2) _ فقال : إنْ كان لمرسل ابن أبي مليكة أصلٌ فكونه عقب الوفاة النبويّة يشعر بأنه يتعلّق بأمر الخلافة .

كأنّ الناس عقب البيعة بقوا يختلفون , يقول أحد هم : أبو بكر أهلها , لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : كيت وكيت ,فيقول آخر: وفلان !قد قال له النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم :كيت وكيت .

فأحبّ أبو بكر صرفهم عن الخوض في ذلك , وتوجيههم إلى القرآن(3) .

والملاحظ: أنّ المعلمي لا يجرؤ على ذكر اسم عليّ حتى في هذا العصر , فيقول ( وفلان ) وهو يعني عليّاً ,حيث لم ينصب للخلافة ولم يتصدَّ للمعارضة _يومذاك – أحد غيره !

الهامش:

(1) قد سبق نقل مصادر هذا الحديث في القسم الأول ( ? 114 - 116 ) .

(2) سيأتي التعليق عليه ( ? 423 ) وقد مر ذكره ( ? 265 ) .

(3) الأنوار الكاشفة ( ? 54 ) .

==============?419

وقال السيّد هاشم معروف الحسني _ من علماء الشيعة المعاصرين _ : ولو تقصّينا الأسباب التي يمكن افتراضها لتلك الرغبة الملحّة في بقاء السنة في طيّ الكتمان , لم نجد سبباً يخو له هذا التصرف , ولا نستبعد أنه كان يتخوّف من اشتهار أحاديث الرسول في فضل علي عليه السلام وأبنائه عليهم السلام(2) .

ويوضّح هذا الهدف ما رواه الزبير بن بكّار (?256هـ)بسنده عن عبد الرحمن بن يزيد , قال : قدم علينا سليمان بن عبد الملك حاجّاً , سنة (82) وهو وليّ عهد , فمرّ بالمدينة , فدخل عليه الناس , فسلّموا عليه ,وركب إلى مشاهد النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم , التي صلّى فيها , وحيث أصيب أصحابه بأ حد , ومعه أبان بن عثمان , وعمرو بن عثمان , وأبو بكر بن عبد الله , فأتوا به قباء , ومسجد الفضيخ , ومشربة أم إبراهيم , ? أحد , وكلّ ذلك يسألهم ؟و يخبرونه عمّا كان ,ثم أمر أبان بن عثمان أن يكتب له سير النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ? مغازيه .

فقال أبان : هي عندي , قد أخذتها مصحّحةً , ممن أثقُ به .

فأمر بنسخها , وألقى فيها إلى عشرة من الكتّاب, فكتبوها في رقٍّ , فلما صارت إليه , نظر , فإذا فيها ذكر الأنصار في العقبتين , وذكر الأنصار في بدر .

الهامش:

(2) دراسات في الحديث والمحد ثين ( ? 22 ) .

===================?420

فقال : ما كنت أرى لهؤلاء القوم هذا الفضل , فإما أن يكون أهل بيتي غمصوا عليهم , وإما أن يكونوا ليس هكذا .

فقال أبان بن عثمان : أيّها الأمير , لا يمنعنا ما صنعوا … أن نقول(1) بالحق , هم على ما وصفنا لك في كتابنا هذا .

قال [ سليمان ] : ما حاجتي إلى أن أنسخ ذاك حتى أذكره لأمير المؤمنين , لعله يخالفه , فأمر بذلك الكتاب , فخرق , وقال : أسأل أمير المؤمنين إذا رجعت , فإن يوافقه فما أيسر نسخه .

فرجع سليمان بن عبد الملك , فأخبر أباه بالذي كان من قول أبان , فقال عبد الملك : وما حاجتك أن تقدم بكتاب ليس لنا فيه فضل ؟تعر ? أهل الشام أموراً لا نريد أن يعرفوها !

قال سليمان : فلذلك _ يا أمير المؤمنين _ أمرت بتخريق ما كنت نسخته حتى أستطلع رأي أمير المؤمنين !فصوّب رأيه(2).

فإذا كانوا لا يتحمّلون ذكر فضل الأنصار , فكيف يتحمّلون ذكر فضل أهل البيت , وسيّدهم أمير المؤمنين عليه السلام ?

الهامش:

(1) كذا الصواب ظاهرا , وفي المصدر ( أن القول بالحق ) .

(2) الموفقيات للزبير بن بكّار ( ? 222 - 223 ) بواسطة مغازي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ,لعروة ? 28 ).

==================?421

كما يدل عليه ما روى من أن خالد القسري _ أحد ولاة بني أمية الطغاة _طلب من أحدهم أن يكتب له السيرة , فقال الكاتب : فإنه يمرّ بي الشيء من سيرة علي بن أبي طالب , ? فأذكره ?

فقال خالد : لا , إلاّ أنْ تراه في قعر جهنم (1).

وسنذكر موارد المنع المباشر عن نقل أحاديث المعني بها أهل البيت عليهم السلام (2).

أقول : أمّا نحن , فلا نشكّ في أنّ السبب الأساسي لمنع تدوين الحديث هو هذا الهدف , لما حقّقناه في هذه الدراسة من عدم وجود سبب صحيح آخر له , غيره (3).

ولا يرد على هذا الرأي , إلاّ ما قد يقال من : أن الالتزام به يقتضي أن يكون المنع للتدوين , مصحوباً بمنع أشدّ لأصل الرواية ونقل الحديث , إذ ليس من الصواب لمن يدبّر تلك السياسة أن يمنع تدوين الأحاديث , ويبيح للرواة والسامعين تناقلها وروايتها , فلو ثبت أنّ الحكّام المانعين للتدوين , قد أقدموا على منع الرواية ونقل الحديث شفهاً أيضاً , تمَّ القول بأن الهدف هو التدبير السياسي المذكور ضدّ عليّ وأبنائه عليهم السلام .

فأقول : نعم , وإن مما يؤكّد رأينا بأن المصلحة لمنع تدوين الحديث هو إخفاء الأحاديث النبويّة , الدالّة على إمامة عليّ وأهل البيت عليهم السلام هو أن الحكّام لم يكتفوا بمنع التدوين فقط , وإنما منعوا رواية الحديث ونقله , بشدّ ? .

وإذا صحّ شيء من تلك التبريرات المذكورة في الفصول السابقة , لمنع تدوين الحديث, فأيّ سببٍ ومبرّرٍ يذكر لمنع نقل الحديث وروايته ؟؟

الهامش:

(1) الأغاني (22/ 25 ) .

(2) فلاحظ الصفحات (457_458).

(3) وقد حاول بعض الكتاب إبداء سبب آخر , إلى جنب هذا السبب , في ما كتبه بعد صدور دراستنا هذه , سنتعرض له في ملحق خاصّ في آخر الكتاب .

=====================?422

وإن الروايات والآثار والحقائق التاريخية التي تثبت أنّ الحكّام قاموا بمنع رواية الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم تؤكّد أنّ ذلك كان يستهدف غرضاً سياسياً محضاً .

ونحن نعتقد بأنّ الغرض من منع التدوين هو الغرض من منع الرواية بلا فرق .

ولا بدّ لسرد تلك الآثار والروايات والحقائق من متابعة مجريات تاريخ الحديث في القرن الأوّل الهجري _ فترة المنع الرسمي _ لاقتناصها , وتسجيلها .

ثمّ إنّ عمليّة المنع من تدوين الحديث أدّتْ إلى تعرّض الحديث الشريف لأخطار جسيمة , وترتّبت عليه آثار سيّئة , كان من الضروريّ أنْ نجمعها ونذكرها , كي يتبين مدى ما اقترفه المانعون للحديث _ تدويناً وروايةً _ في حقّ هذا الركن العظيم من مصادر الإسلام , ورأينا من المناسب أن نجعل هذين البحثين ملحقين بهذا القسم الثاني :

الملحق الأوّل : في المنع من رواية الحديث ونقله _ أيضاً _ .

الملحق الثاني : في آثار المنع من تدوين الحديث وتقييده .

=====================?423