■ سبب تأليف الكتاب وموضوعه ، ونسخته
■ كلمة لإدارة المطبعة
■ هذه النسخة
■ مقدّمة المؤلّف وسبب التأليف
■ القائلون بالتجسيم من أئمة الحنابلة !
■ تأرجح الحنابلة مع الهوى في التجسيم والتأويل
■ تناقض دعواهم
■ الاستواء لغة وتأويلا
■ كلام ابن الجوزي الحنبلي في الردّ على المجسّمة
■ مجموعة من الأحاديث المتشابهة
■ اختلاف الناس في هذه الأخبار
■ اتهام الإمام أحمد بالتجسيم
■ كلام السلف في التأويل
■ قول البغدادين في التأويل
■ مجموعة من تأويلات ابن عباس
■ قول محمد بن المنكدر بالتأويل
■ حديث حذيفة في الفتن ونبوغ الأهواء
■ بدعة الكرامية والحنابلة
■ البدعة وأسبابها
■ التوسّل بالنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) في القرآن
■ ابن تيمية الحرّاني وآراؤه
■ المرسوم السلطاني بشأن ابن تيمية
■ التوحيد والعدل في كلام الأئمة
■ الدعوة إلى اتّباع العقل والنقل
■ مبحث الردّ على ابن تيميّة في قوله بفناء النار
■ تكذيب ابن تيميّة للنبوّة وتوهينه لمقام النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)
■ تجاسر ابن تيمية على الإمام أحمد
■ تجويز ابن تيمية للمكْس!
■ أقوال الأئمة في التوسل بالنبي(صلى الله عليه وآله وسلم)
■ فرقة ابن تيمية مبتدعة
■ في بقاء النبي بعد موته والاستغاثة به
■ عصمة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)
■ مناظرة المنصور العباسي ومالك إمام المذهب
■ قصّة الراهبين مع أبي عبدالله الفرحي
■ من أنباء التوسّل بقبر النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وآثاره
■ التفريق في التوسّل بين الحياة والممات ، باطل
■ فتوى ابن تيمية بأن زيارة النبي في قبره معصية
■ تقليد ابن تيمية حرام لا يجوز
■ زيارة قبر النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) سنّة سائرة بين المسلمين
■ ابن رجب الحنبلي يكفر ابن تيمية
■ الفهارس العامة
- الوهابيّون والبيوت المرفوعة للشيخ محمّد عليّ السنقريّ الحائريّ
- وصول الأخيار إلى أصول الأخبار
- الوسيلة العذراء للشاعر عبد الحسين شكر (ت هجري.)
- همزيّة التميميّ صالح بن درويش الكاظمي (ت 1261هجري.)
- النكت في مقدمات الاصول، في تعريف المصطلحات الكلامية
- نثر اللآليْ للطبرسيّ (ت 548 هجري.)
- مقدّمتان توثيقيتان للسيد المرعشيّ والسيد المشكاة
- مسند الحِبَريّ
- مختصر رسالة في أحوال الأخبار
- الكلمات المائة للجاحظ (ت 250 هجري. )
- فصل الخطاب في ردّ محمّد بن عبد الوهّاب النجديّ
- عروض البلاء على الأولياء
- عجالة المعرفة في اُصول الدين
- شفاء السقام بزيارة خير الأنام عليه السلام
- الرعاية في شرح البداية في علم الدراية
- الدرة الفاخرة في دراية الحديث
- الرسالة الرحمانيّة حول كتابة كلمة (الرحمن)
- رسالة الحقوق
- رسالة ابي غالب الزراري إلى ابن ابنه في ذكر آل أعين
- الرجال لابن الغضائري
- دفع الشبه عن الرسول والرسالة
- الخلاصة في علم الكلام
- خاتمة وسائل الشيعة
- الحكايات، في الفرق بين المعتزلة والشيعة
- الحقوق لمولانا زيد الشهيد عليه السلام
- تفسير الحِبَري أو ما نزل من القرآن في علي أمير المؤمنين عليه السلام تفسير بالحديث المأثور
- تسمية من قُتِل مع الحسين عليه السلام من ولده واخوته وشيعته
- تثبيت الإمامة لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام
- تاريخ أهل البيت عليهم السلام
- البداية في علم الدراية
- الباقيات الصالحات في أصول الدين الإسلامي عاى المذهب الإمامي
- إنجاح المطالب في الفوز بالمآرب
- الإمامة والتبصرة من الحَيْرة
- أسماء السور القرآنيّة، في مقطوعتين رائعتين في مدح النبيّ صلى الله عليه وآله
- الأُرجوزة اللطيفة في علوم البلاغة
- الأحاديث المقلوبة و جواباتها
- الإجازة الشاملة للسيّدة الفاضلة من الشيخ أبي المجد الأصفهاني للعلويّة الأمينيّة الهاشميّة
- آداب المتعلّمين
- نقد الحديث بين الاجتهاد والتقليد
- نظرات في تراث الشيخ المفيد
- المنهج الرجاليّ والعمل الرائد في (الموسوعة الرجالية لسيّد الطائفة آية الله العظمى البروجرديّ 1292 ـ 1380هجري)
- المنتقى النفيس من درر القواميس
- معجم أحاديث البسملة
- الموت أياتهاجاديثه احكامه
- القافية والرويّ في الشعر العربيّ
- ديوان الإجازات المنظومة
- دفاع عن القرآن الكريم
- حول نهضة الحسين عليه السلام
- الحسين عليه السلام سماته وسيرته
- جهاد الإمام السجّاد علي بن الحسين عليه السلام
- ثبت الأسانيد العوالي بطرق محمد رضا الحسيني الجلالي
- تدوين السنة الشريفة
- تحقيق النصوص يبن صعوبة المهمة وخطورة الهفوات، في النقد العلمي
- إيقاظُ الوَسْنان بالملاحظات على (فتح المنّان في مقدّمة لسان الميزان)
- أنا ـ ترجمة ذاتية للإمام أمير المؤمنين عليه السلام طبقاً للنصوص الموثوقة
- الأجوبة السديدة على أسئلة السيّدة الرشيدة
- الأجوبة الجلالية على الاسئلة الحلوانية
- أبو الحسن العُريضي، علي بن جعفر الصادق عليه السلام ترجمة حياته، ونشاطه العلميّ
[عصمة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)]
فمن ذلك : أنّه سبحانه وتعالى تولّى عصمته بنفسه ، فقال تعالى : }واللهُ يعصمُكَ من النَّاسِ{ .
وحقّاً عصمه ـ عزّ وجلّ ـ في ظاهره وباطنه ; حفظه في ظاهره من أن ينالوا ما همّوا به ، وردّ كيدهم في نحورهم ، وحفظه في باطنه من الناس من أن يكون منه إليهم التفات ، أو يكون له بهم اشتغال ; صان سرّه عن موارد السكون إليهم ، وعن نزغات الشيطان وفلتات النفس .
ومنها : قوله تعالى : }لا تجعلوا دُعاءَ الرَّسول بينَكم كدُعاءِ بعضِكم بعضاً{ .
قيل : معناه لا تدعوه باسمه ، كمايدعو بعضكم بعضاً : يا محمّد ، يا عبدالله ، ولكن فخمّوه وعظموه وشرّفوه ، وقولوا : يانبي الله يارسول الله ، مع لين وتواضع . قاله مجاهد وقتادة .
وقيل : معناه احذروا دعاء الرسول عليكم ، فإنّ دعاءه مستجاب لا يردّ ،ليس كدعاء غيره . قاله ابن عباس رضي الله عنهما .
وقيل : معناه من ضيّع حرمة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) فقد ضيّع حرمة الله ـ عزّ وجلّ ـ ومن ضيّع حرمة الله فقد دخل في ديوان الأشقياء ، وحرمة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)من حرمة الله تعالى ، بل من ضيّع حرمة الأولياء فقد عرّض نفسه للهلكة .
ومنها : قوله تعالى : }إنّا أرسلناكَ شاهداً{ ; أي عليهم بالتوحيد }ومبشراً{ ; أي لهم بالتأييد والمغفرة }ونذيراً{ ; أي محذراً إيّاهم الزيغ والضلالات }لتؤمنوا باللهِ ورسولِهِ وتُعزّروهُ وتُوقِّروهُ{ أي تعظّموه تعظيماً يليق به وبمرتبته .
قال الأئمة : لم يؤمن بالرسول من لم يُعزّه ويُعزّ أوامره ويُوقّره ويوقّر أصحابه رضي الله عنهم .
ومنها : قوله تعالى : }فالذَّين آمنوا بهِ{ ; أي بمحمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) }وعزّروهُ{ ; أي وقّروه }ونصروهُ{ ; بذلوا أنفسهم في نصرته وأموالهم }واتَّبعوا النَّورَ الذي أُنزلَ معه{وهو القرآن }أُولئك هُم المفلحونَ{ ; أي الفائزون ; حصر الفلاح فيهم .
فهذه الآيات موجبة لتوقيره وتعظيمه وتبجيله وتعريف قدره عند ربّه .
ومنها : قوله تعالى : }من يطع الرَّسولَ فقد أطاعَ اللهَ{ .
قال عمر (رضي الله عنه) بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ـ أثناء كلام طويل ـ : بأبي أنت وأمّي يارسول الله ، لقد بلغ من فضيلتك عند الله أن جعل الله ـ عزّ وجلّ ـ طاعتك طاعته . وقال جعفر الصادق معناه : «من عرفك بالنبوّة والرسالة فقد عرفني بالربوبيّة والأُلوهيّة».
وقيل : «بطاعتك يصل العبد الى الحقّ ، وبمخالفتك يقطع عنه» . وقيل غير ذلك .
ومن أحسنها : «من ألزم نفسه طاعته وصحّح الاقتداء به ، أوصله الى مقامات الأنبياء والصدّيقين والشهداء ; ألا ترى قوله تعالى : }ومن يطع الله والرّسول فأولئك مع الذَّين أنعمَ الله عليهم من النبيّين والصِّدِّيقين والشهداءِ {الآية .
ومنها : ـ وهو أبلغ مّما تقدم ـ قوله تعالى : }إنّ الذَّين يُبايعونك{ ; أي يامحمّد }إنّما يبايعونَ اللهَ{ نفى سبحانه وتعالى الواسطة في المبالغة ، وقد تنبّه لذلك أرباب
المعاني والقلوب ، العارفون بمراتبه(صلى الله عليه وآله وسلم) وما وهبه الله تعالى من سنيّ الأوصاف التي لا تليق بغيره ، ولا يقدر على حملها إلاّ هو ، قالوا : إنّ البشريّة في نبيّه(صلى الله عليه وآله وسلم) عارية وإضافة ، دون الحقيقة»(192) وهو كلام حكيم منوَّر القلب .
وقال بعضهم : لم يُظهر الحقُّ ـ سبحانه وتعالى ـ مقامَ الجمع على أحد بالتصريح إلاّ على أخصّ نَسَمة وأشرفها ، وهو المصطفى ، فقال : }إنّ الذين يبايعونك إنّما يبايعونَ الله{ .
ومنها : قوله تعالى : }ورَفعنا لك ذكركَ{ قال ابن عبّاس رضي الله عنهما
«المراد الأذان والإقامة والتشهّد والخطبة على المنابر ، فلو أنّ عبداً عبد الله وصدّقه في كلّ شيء ولم يشهد أنّ محمداً رسول الله ، لم يسمع منه ولم ينتفع بشيء ، وكان كافراً» .
وفي حديث أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) : (أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) سأل جبريل (عليه السلام) عن هذه الآية ، فقال : قال الله ـ عزّ وجلّ ـ إذا ذُكرتُ ذُكِر معي) .
وقال قتادة (رضي الله عنه) : «رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة» .
وقيل : رفع ذكره بأخذ الميثاق على النبيّين ، وألزمهم الإيمان به والإقرار به .
وقيل : }ورفعنا لكَ ذِكركَ{ ليعرف المذنبون قدر رتبتك لديّ ليتوسّلوا بك اليّ ، فلا أردّ أحداً عن مسألته ، فأُعطيه إيّاها إمّا عاجلا وإمّا آجلا ، ولا أُخيب من توّسل بك وإن كان كافراً .
ألا ترى قوله تعالى : }وكانوا من قبلُ يستفتحون على الذّين كفروا {وسيأتي الكلام على هذه الآية . وقيل غير ذلك .
ولمّا هاجر النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) الى المدينة قيل : بكت مكّة لفقده بدموع الحرقة على الخدّ ، وقالت : وا أسفاه على من أُنزل عليه : }لا أُقسمُ بهذا البلدِ{ وهو مكّة لحلولك فيه .
ومن جعل «لا» أصلية ، فالمعنى : }لا أُقسمُ بهذا البلدِ{ وأنت حالّ فيه ، بل أُقسم بك وبحياتك وهذا يدلّ على عُلُوّ قدره عند ربّه ، ورفعته التي لم يُفزْ بها غيره .
وفي حديث عائشة رضي الله عنها : (أنّ جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال : قلبتُ مشارق الأرض ومغاربها ، فلم أرَ رجلا أفضل من محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم)) .
وقال ابن عبّاس رضي الله عنهما ـ من رواية أبي الجوزاء (رضي الله عنه) ـ : «ما خلق الله ولا ذرأ ولا برأ نفساً أكرم على الله من محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) ، ولا رأيت الله ـ عزّ وجلّ ـ أقسم بحياة أحد إلاّ بحياته ، فقال : }لَعمرُك إنّهم لَفي سكرتِهم يعمهونَ{ ، والعمه في البصيرة والعمى في البصر» .
وفي رواية عطاء عن ابن عبّاس رضي الله عنهما : «المعنى : وعيشك يا محمّد إنّهم لفي سكرتهم يعمهون» .
وقال بعضهم : أقسم بحياة محمّد لأنّ حياته كانت به ، وهو في قبضة الحقّ وبساط القرب وشرف الانبساط ، ومقام الاتّفاق الذي لا يقوم به غيره ، فبحياتك يكون القسم ، فإنّ الكلّ زاغوا وما زغتَ ، وما لوا وما ملتَ ; حتّى برأناك ونزّلناك منزلة ما نالها غيرك ، ولا ينالها أحد سواك .
وقيل : المعنى وحياتك التي خصصت بها بين الخلق ، فحيوا بالأرواح ، وحييت بنا .
ولهذا تتمّة مهمّة ذكرتها في المولد يتعين الوقوف عليها .
وقيل : أقسم الله ـ عزّوجلّ ـ في الأزل بحياته ; ليظهر شرفه وعُلُوّ قدره ودُنُوّ منزلته عنده ; ليتوسّل المتوسّلون به إليه قبل بروزه إلى الوجود ، وفي حياته وبعد وفاته وفي عرصات القيامة .
ولهذا وغيره لم يزل أهل الايمان يتوسّلون به في حياته وبعد وفاته من غير نكير .
[التوسل بالنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) قبل مولده]
وكان أهل الكتاب لهم علم من ذلك ، فكانوا يتوسّلون به قبل وجوده ، فيُستجاب لهم ، كما قال الله تعالى : }وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا{ .
وقال ابن عبّاس رضي الله عنهما : «كانت أهل خيبر تقاتل غطفان ، كلّما التقوا هزمت غطفانُ يهود ، فعاذت يهود بهذا الدعاء : «اللّهمّ إنّا نسألك بحقّ النبيّ الذي وعدتنا أن تخرجه لنا آخر الزمان إلاّ نصرتنا عليهم» ، فكانوا إذا التقوا ودعوا بهذا الدعاء هزمت يهودُ غطفان» .
ويهود غير منصرف للعلميّة والتأنيثِ ، علم على(193) قبيلة ـ فلمّا بُعث النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) كفروا به ، فأنزل الله عزّوجلّ : }وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى
الَّذينَ كَفَروا . . .{ ; أي يدعون بك يا محمّد إلى قوله : }فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى
الْكَافِرِينَ{ .
وإذا كان عزّوجلّ يستجيب لأعدائه بالتوسّل به(صلى الله عليه وآله وسلم) إليه سبحانه ، مع علمه ـ عزّوجلّ ـ بأنّهم يكفرون به ويؤذونه ، ولا يتّبعون النور الذي أُنزل معه قبل
وجوده وبروزه إلى الوجود وإرساله رحمة للعالمين ، فكيف لا يستجيب لأحبّائه إذا توسّلوا به بعد وجوده ـ عليه الصلاة والسلام ـ وبعثته رحمة للعالمين؟!
وإذا كان رحمة للعالمين ، فكيف لا يتوسّل ولا يتشفّع به؟!
[المنكر للتوسل : أسوأ من اليهود]
ومن أنكر التوسّل به والتشفّع به بعد موته وأنّ حرمته زالت بموته ، فقد أعلم الناس ونادى على نفسه أنّه أسوأ حالا من اليهود ، الذين يتوسّلون به قبل بروزه إلى الوجود ، وأنّ في قلبه نزغة هي أخبث النزغات .
[توسل أبي البشر آدم(عليه السلام) بالنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ليغفر له]
وهذا آدم(عليه السلام) توسّل به ، كما هو مشهور ، ورواه غير واحد من الأئمة .
منهم الحاكم في «مستدركه على الصحيحين» من حديث عمر(رضي الله عنه) ، قال : قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) : (لمّا اقترف آدم الخطيئة قال : يا ربّ بحقّ محمّد لمّا(194) غفرتَ لي . فقال الله : يا آدم وكيف عرفت محمّداً ولم أخلقه؟ قال : يا ربّ لأنّك لمّا خلقتَني بيدك ونفختَ فيَّ من روحك ، رفعتُ رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوباً : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله ، فعرفت أنك لم تضف إلى اسمك إلاّ أحبّ الخلق إليك . فقال : يا آدم إنّه لأحبّ الخلق إليّ ، وإذ سألتني بحقّه فقد غفرتُ لك ، ولولا محمّد لما خلقتُك)(195) .
قال الحاكم : صحيح الإسناد(196) ، ورواه الطبراني ، وزاد : (وهو آخر الأنبياء منذُرّيّتك) .
ورواه الحاكم أيضاً من حديث ابن عبّاس رضي الله عنهما بزيادة بلفظ : (أوحى الله إلى عيسى : يا عيسى آمن بمحمّد ، ومُرْ من أدركه من أُمّتك أن يؤمنوا به ، فلولا محمّد ما خلقتُ آدم ، ولولا محمّد ما خلقتُ الجنّة والنار . ولقد خلقتُ العرش على الماء فاضطرب ، فكتبتُ عليه لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله فسكن) قال الحاكم في «مستدركه» : هذا صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه(197) ; يعني البخاري ومسلم .
فهذا الإمام الحافظ قد كفانا المؤنة وصحّح الحديث ، وقد رواه غير واحد من الحفّاظ وأئمة الحديث بألفاظ :
منهم أبو محمّد مكّي ، وأبو الليث السمرقندي وغيرهما : (أنّ آدم(عليه السلام) عند اقترافه قال : اللّهمّ بحقّ محمّد عليك اغفر لي خطيئتي) .
ويروي نفيل : (فقال الله : من أين عرفت محمّداً؟ قال : رأيت في كلّ موضع من الجنّة مكتوباً : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله) . ويروى : (محمّد عبدي ورسولي ، فعلمت أنّه أكرم خلقك عليك ، فتاب الله عليه وغفر له) .
وفي رواية الحافظ الآجري : (فقال آدم : لمّا خلقتني رفعتُ رأسي إلى عرشك ، فإذا فيه مكتوب : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله ، فعلمت أنّه ليس أحد أعظم قدراً عندك ممّن جعلتَ اسمه مع اسمك ، فأوحى الله إليه : وعزّتي وجلالي إنّه لآخر النبييّن من ذُرّيّتك ، ولولاه ما خلقتُك . قال : وكان آدم(عليه السلام) يكنّى : أبا محمّد) .
بدا مجدُهُ من قبلِ نشأةِ آدم وأسماؤهُ في العرشِ من قبلُ تكتبُ(198)
وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما في قوله تعالى : }وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما {قال : «لوح من ذهب فيه مكتوب :
عجباً لمن أيقن بالقدر كيف ينصب؟!
عجباً لمن أيقن بالنار كيف يضحك؟!
عجباً لمن رأى الدنيا وتقلّبها بأهلها كيف يطمئنّ إليها؟!
أنا الله لا إله إلاّ أنا محمّد عبدي ورسولي» .
وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما أيضاً قال : «على باب الجنّة مكتوب : إنّي أنا الله لا إله إلاّ أنا محمّد رسول الله ، ولا اُعذّب من قالها» .
وذكر السميطاري : أنّه شاهد في بعض بلاد خراسان مولوداً ولد وعلى جبينه مكتوب : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله ، وذلك بقلم القدرة .
وذكر الأخباريّون : أنّ ببلاد الهند ورداً أحمر مكتوباً(199) عليه بالأبيض : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله .
وفي بعض البوادي حيوان مكتوب على شِقّه الأيمن : لا إله إلاّ الله ، وعلى شِقّه الأيسر : محمّد رسول الله ، وذلك بقلم القدرة ، وهو مرئيّ ظاهر لكلّ من له بصر ، وذكر غير ذلك .
فسيّد الأوّلين والآخرين عظيم عند ربه ، نوّه بذكره في الأزل وفي الكون العُلوي والسُّفلي ; ليعلم أنّه الفاضل الكامل ، وأنّه أعظم الوسائل .