ارسال السریع للأسئلة
تحدیث: ١٤٤٥/١٢/١٨ السیرة الذاتیة کتب مقالات الصور دروس محاضرات أسئلة أخبار التواصل معنا
فهرست کتاب‌‌ لیست کتاب‌ها
■ المؤلّف الإمام الحصني
■ سبب تأليف الكتاب وموضوعه ، ونسخته
■ كلمة لإدارة المطبعة
■ هذه النسخة
■ مقدّمة المؤلّف وسبب التأليف
■ القائلون بالتجسيم من أئمة الحنابلة !
■ تأرجح الحنابلة مع الهوى في التجسيم والتأويل
■ تناقض دعواهم
■ الاستواء لغة وتأويلا
■ كلام ابن الجوزي الحنبلي في الردّ على المجسّمة
■ مجموعة من الأحاديث المتشابهة
■ اختلاف الناس في هذه الأخبار
■ اتهام الإمام أحمد بالتجسيم
■ كلام السلف في التأويل
■ قول البغدادين في التأويل
■ مجموعة من تأويلات ابن عباس
■ قول محمد بن المنكدر بالتأويل
■ حديث حذيفة في الفتن ونبوغ الأهواء
■ بدعة الكرامية والحنابلة
■ البدعة وأسبابها
■ التوسّل بالنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) في القرآن
■ ابن تيمية الحرّاني وآراؤه
■ المرسوم السلطاني بشأن ابن تيمية
■ التوحيد والعدل في كلام الأئمة
■ الدعوة إلى اتّباع العقل والنقل
■ مبحث الردّ على ابن تيميّة في قوله بفناء النار
■ تكذيب ابن تيميّة للنبوّة وتوهينه لمقام النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)
■ تجاسر ابن تيمية على الإمام أحمد
■ تجويز ابن تيمية للمكْس!
■ أقوال الأئمة في التوسل بالنبي(صلى الله عليه وآله وسلم)
■ فرقة ابن تيمية مبتدعة
■ في بقاء النبي بعد موته والاستغاثة به
■ عصمة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)
■ مناظرة المنصور العباسي ومالك إمام المذهب
■ قصّة الراهبين مع أبي عبدالله الفرحي
■ من أنباء التوسّل بقبر النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وآثاره
■ التفريق في التوسّل بين الحياة والممات ، باطل
■ فتوى ابن تيمية بأن زيارة النبي في قبره معصية
■ تقليد ابن تيمية حرام لا يجوز
■ زيارة قبر النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) سنّة سائرة بين المسلمين
■ ابن رجب الحنبلي يكفر ابن تيمية
■ الفهارس العامة
  1. الوهابيّون والبيوت المرفوعة للشيخ محمّد عليّ السنقريّ الحائريّ
  2. وصول الأخيار إلى أصول الأخبار
  3. الوسيلة العذراء للشاعر عبد الحسين شكر (ت هجري.)
  4. همزيّة التميميّ صالح بن درويش الكاظمي (ت 1261هجري.)
  5. النكت في مقدمات الاصول، في تعريف المصطلحات الكلامية
  6. نثر اللآليْ للطبرسيّ (ت 548 هجري.)
  7. مقدّمتان توثيقيتان للسيد المرعشيّ والسيد المشكاة
  8. مسند الحِبَريّ
  9. مختصر رسالة في أحوال الأخبار
  10. الكلمات المائة للجاحظ (ت 250 هجري. )
  11. فصل الخطاب في ردّ محمّد بن عبد الوهّاب النجديّ
  12. عروض البلاء على الأولياء
  13. عجالة المعرفة في اُصول الدين
  14. شفاء السقام بزيارة خير الأنام عليه السلام
  15. الرعاية في شرح البداية في علم الدراية
  16. الدرة الفاخرة في دراية الحديث
  17. الرسالة الرحمانيّة حول كتابة كلمة (الرحمن)
  18. رسالة الحقوق
  19. رسالة ابي غالب الزراري إلى ابن ابنه في ذكر آل أعين
  20. الرجال لابن الغضائري
  21. دفع الشبه عن الرسول والرسالة
  22. الخلاصة في علم الكلام
  23. خاتمة وسائل الشيعة
  24. الحكايات، في الفرق بين المعتزلة والشيعة
  25. الحقوق لمولانا زيد الشهيد عليه السلام
  26. تفسير الحِبَري أو ما نزل من القرآن في علي أمير المؤمنين عليه السلام تفسير بالحديث المأثور
  27. تسمية من قُتِل مع الحسين عليه السلام من ولده واخوته وشيعته
  28. تثبيت الإمامة لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام
  29. تاريخ أهل البيت عليهم السلام
  30. البداية في علم الدراية
  31. الباقيات الصالحات في أصول الدين الإسلامي عاى المذهب الإمامي
  32. إنجاح المطالب في الفوز بالمآرب
  33. الإمامة والتبصرة من الحَيْرة
  34. أسماء السور القرآنيّة، في مقطوعتين رائعتين في مدح النبيّ صلى الله عليه وآله
  35. الأُرجوزة اللطيفة في علوم البلاغة
  36. الأحاديث المقلوبة و جواباتها
  37. الإجازة الشاملة للسيّدة الفاضلة من الشيخ أبي المجد الأصفهاني للعلويّة الأمينيّة الهاشميّة
  38. آداب المتعلّمين
  39. نقد الحديث بين الاجتهاد والتقليد
  40. نظرات في تراث الشيخ المفيد
  41. المنهج الرجاليّ والعمل الرائد في (الموسوعة الرجالية لسيّد الطائفة آية الله العظمى البروجرديّ 1292 ـ 1380هجري)
  42. المنتقى النفيس من درر القواميس
  43. معجم أحاديث البسملة
  44. الموت أياتهاجاديثه احكامه
  45. القافية والرويّ في الشعر العربيّ
  46. ديوان الإجازات المنظومة
  47. دفاع عن القرآن الكريم
  48. حول نهضة الحسين عليه السلام
  49. الحسين عليه السلام سماته وسيرته
  50. جهاد الإمام السجّاد علي بن الحسين عليه السلام
  51. ثبت الأسانيد العوالي بطرق محمد رضا الحسيني الجلالي
  52. تدوين السنة الشريفة
  53. تحقيق النصوص يبن صعوبة المهمة وخطورة الهفوات، في النقد العلمي
  54. إيقاظُ الوَسْنان بالملاحظات على (فتح المنّان في مقدّمة لسان الميزان)
  55. أنا ـ ترجمة ذاتية للإمام أمير المؤمنين عليه السلام طبقاً للنصوص الموثوقة
  56. الأجوبة السديدة على أسئلة السيّدة الرشيدة
  57. الأجوبة الجلالية على الاسئلة الحلوانية
  58. أبو الحسن العُريضي، علي بن جعفر الصادق عليه السلام ترجمة حياته، ونشاطه العلميّ

عصمة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)

[عصمة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)]

فمن ذلك : أنّه سبحانه وتعالى تولّى عصمته بنفسه ، فقال تعالى : }واللهُ يعصمُكَ من النَّاسِ{ .

وحقّاً عصمه ـ عزّ وجلّ ـ في ظاهره وباطنه ; حفظه في ظاهره من أن ينالوا ما همّوا به ، وردّ كيدهم في نحورهم ، وحفظه في باطنه من الناس من أن يكون منه إليهم التفات ، أو يكون له بهم اشتغال ; صان سرّه عن موارد السكون إليهم ، وعن نزغات الشيطان وفلتات النفس .

ومنها : قوله تعالى : }لا تجعلوا دُعاءَ الرَّسول بينَكم كدُعاءِ بعضِكم بعضاً{ .

قيل : معناه لا تدعوه باسمه ، كمايدعو بعضكم بعضاً : يا محمّد ، يا عبدالله ، ولكن فخمّوه وعظموه وشرّفوه ، وقولوا : يانبي الله يارسول الله ، مع لين وتواضع . قاله مجاهد وقتادة .

وقيل : معناه احذروا دعاء الرسول عليكم ، فإنّ دعاءه مستجاب لا يردّ ،ليس كدعاء غيره . قاله ابن عباس رضي الله عنهما .

وقيل : معناه من ضيّع حرمة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) فقد ضيّع حرمة الله ـ عزّ وجلّ ـ ومن ضيّع حرمة الله فقد دخل في ديوان الأشقياء ، وحرمة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)من حرمة الله تعالى ، بل من ضيّع حرمة الأولياء فقد عرّض نفسه للهلكة .

ومنها : قوله تعالى : }إنّا أرسلناكَ شاهداً{ ; أي عليهم بالتوحيد }ومبشراً{ ; أي لهم بالتأييد والمغفرة }ونذيراً{ ; أي محذراً إيّاهم الزيغ والضلالات }لتؤمنوا باللهِ ورسولِهِ وتُعزّروهُ وتُوقِّروهُ{ أي تعظّموه تعظيماً يليق به وبمرتبته .

قال الأئمة : لم يؤمن بالرسول من لم يُعزّه ويُعزّ أوامره ويُوقّره ويوقّر أصحابه رضي الله عنهم .

ومنها : قوله تعالى : }فالذَّين آمنوا بهِ{ ; أي بمحمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) }وعزّروهُ{ ; أي وقّروه }ونصروهُ{ ; بذلوا أنفسهم في نصرته وأموالهم }واتَّبعوا النَّورَ الذي أُنزلَ معه{وهو القرآن }أُولئك هُم المفلحونَ{ ; أي الفائزون ; حصر الفلاح فيهم .

فهذه الآيات موجبة لتوقيره وتعظيمه وتبجيله وتعريف قدره عند ربّه .

ومنها : قوله تعالى : }من يطع الرَّسولَ فقد أطاعَ اللهَ{ .

قال عمر (رضي الله عنه) بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ـ أثناء كلام طويل ـ : بأبي أنت وأمّي يارسول الله ، لقد بلغ من فضيلتك عند الله أن جعل الله ـ عزّ وجلّ ـ طاعتك طاعته . وقال جعفر الصادق معناه : «من عرفك بالنبوّة والرسالة فقد عرفني بالربوبيّة والأُلوهيّة».

وقيل : «بطاعتك يصل العبد الى الحقّ ، وبمخالفتك يقطع عنه» . وقيل غير  ذلك .

ومن أحسنها : «من ألزم نفسه طاعته وصحّح الاقتداء به ، أوصله الى مقامات الأنبياء والصدّيقين والشهداء ; ألا ترى قوله تعالى : }ومن يطع الله والرّسول فأولئك مع الذَّين أنعمَ الله عليهم من النبيّين والصِّدِّيقين والشهداءِ {الآية .

ومنها : ـ وهو أبلغ مّما تقدم ـ قوله تعالى : }إنّ الذَّين يُبايعونك{ ; أي يامحمّد }إنّما يبايعونَ اللهَ{ نفى سبحانه وتعالى الواسطة في المبالغة ، وقد تنبّه لذلك أرباب
المعاني والقلوب ، العارفون بمراتبه
(صلى الله عليه وآله وسلم) وما وهبه الله تعالى من سنيّ الأوصاف التي لا تليق بغيره ، ولا يقدر على حملها إلاّ هو ، قالوا : إنّ البشريّة في نبيّه(صلى الله عليه وآله وسلم) عارية وإضافة ، دون الحقيقة»(192) وهو كلام حكيم منوَّر القلب .

وقال بعضهم : لم يُظهر الحقُّ ـ سبحانه وتعالى ـ مقامَ الجمع على أحد بالتصريح إلاّ على أخصّ نَسَمة وأشرفها ، وهو المصطفى ، فقال : }إنّ الذين يبايعونك إنّما يبايعونَ الله{ .

ومنها : قوله تعالى : }ورَفعنا لك ذكركَ{ قال ابن عبّاس رضي الله عنهما
«المراد الأذان والإقامة والتشهّد والخطبة على المنابر ، فلو أنّ عبداً عبد الله وصدّقه في كلّ شيء ولم يشهد أنّ محمداً رسول الله ، لم يسمع منه ولم ينتفع بشيء ، وكان كافراً» .

وفي حديث أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) : (أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) سأل جبريل (عليه السلام) عن هذه الآية ، فقال : قال الله ـ عزّ وجلّ ـ إذا ذُكرتُ ذُكِر معي) .

وقال قتادة (رضي الله عنه) : «رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة» .

وقيل : رفع ذكره بأخذ الميثاق على النبيّين ، وألزمهم الإيمان به والإقرار به .

وقيل : }ورفعنا لكَ ذِكركَ{ ليعرف المذنبون قدر رتبتك لديّ ليتوسّلوا بك اليّ ، فلا أردّ أحداً عن مسألته ، فأُعطيه إيّاها إمّا عاجلا وإمّا آجلا ، ولا أُخيب من توّسل بك وإن كان كافراً .

ألا ترى قوله تعالى : }وكانوا من قبلُ يستفتحون على الذّين كفروا {وسيأتي الكلام على هذه الآية . وقيل غير ذلك .

ولمّا هاجر النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) الى المدينة قيل : بكت مكّة لفقده بدموع الحرقة على الخدّ ، وقالت : وا أسفاه على من أُنزل عليه : }لا أُقسمُ بهذا البلدِ{ وهو مكّة لحلولك فيه .

ومن جعل «لا» أصلية ، فالمعنى : }لا أُقسمُ بهذا البلدِ{ وأنت حالّ فيه ، بل أُقسم بك وبحياتك وهذا يدلّ على عُلُوّ قدره عند ربّه ، ورفعته التي لم يُفزْ بها غيره .

وفي حديث عائشة رضي الله عنها : (أنّ جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال : قلبتُ مشارق الأرض ومغاربها ، فلم أرَ رجلا أفضل من محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم)) .

وقال ابن عبّاس رضي الله عنهما ـ من رواية أبي الجوزاء (رضي الله عنه) ـ : «ما خلق الله ولا ذرأ ولا برأ نفساً أكرم على الله من محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) ، ولا رأيت الله ـ عزّ وجلّ ـ أقسم بحياة أحد إلاّ بحياته ، فقال : }لَعمرُك إنّهم لَفي سكرتِهم يعمهونَ{ ، والعمه في البصيرة والعمى في البصر» .

وفي رواية عطاء عن ابن عبّاس رضي الله عنهما : «المعنى : وعيشك يا محمّد إنّهم لفي سكرتهم يعمهون» .

وقال بعضهم : أقسم بحياة محمّد لأنّ حياته كانت به ، وهو في قبضة الحقّ وبساط القرب وشرف الانبساط ، ومقام الاتّفاق الذي لا يقوم به غيره ، فبحياتك يكون القسم ، فإنّ الكلّ زاغوا وما زغتَ ، وما لوا وما ملتَ ; حتّى برأناك ونزّلناك منزلة ما نالها غيرك ، ولا ينالها أحد سواك .

وقيل : المعنى وحياتك التي خصصت بها بين الخلق ، فحيوا بالأرواح ، وحييت  بنا .

ولهذا تتمّة مهمّة ذكرتها في المولد يتعين الوقوف عليها .

وقيل : أقسم الله ـ عزّوجلّ ـ في الأزل بحياته ; ليظهر شرفه وعُلُوّ قدره ودُنُوّ منزلته عنده ; ليتوسّل المتوسّلون به إليه قبل بروزه إلى الوجود ، وفي حياته وبعد وفاته وفي عرصات القيامة .

ولهذا وغيره لم يزل أهل الايمان يتوسّلون به في حياته وبعد وفاته من غير نكير .

[التوسل بالنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) قبل مولده]

وكان أهل الكتاب لهم علم من ذلك ، فكانوا يتوسّلون به قبل وجوده ، فيُستجاب لهم ، كما قال الله تعالى : }وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا{ .

وقال ابن عبّاس رضي الله عنهما : «كانت أهل خيبر تقاتل غطفان ، كلّما التقوا هزمت غطفانُ يهود ، فعاذت يهود بهذا الدعاء : «اللّهمّ إنّا نسألك بحقّ النبيّ الذي وعدتنا أن تخرجه لنا آخر الزمان إلاّ نصرتنا عليهم» ، فكانوا إذا التقوا ودعوا بهذا الدعاء هزمت يهودُ غطفان» .

ويهود غير منصرف للعلميّة والتأنيثِ ، علم على(193) قبيلة ـ فلمّا بُعث النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) كفروا به ، فأنزل الله عزّوجلّ : }وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى
الَّذينَ كَفَروا . . .
{ ; أي يدعون بك يا محمّد إلى قوله : }فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى
الْكَافِرِينَ
{ .

وإذا كان عزّوجلّ يستجيب لأعدائه بالتوسّل به(صلى الله عليه وآله وسلم) إليه سبحانه ، مع علمه ـ عزّوجلّ ـ بأنّهم يكفرون به ويؤذونه ، ولا يتّبعون النور الذي أُنزل معه قبل
وجوده وبروزه إلى الوجود وإرساله رحمة للعالمين ، فكيف لا يستجيب لأحبّائه إذا توسّلوا به بعد وجوده ـ عليه الصلاة والسلام ـ وبعثته رحمة للعالمين؟!

وإذا كان رحمة للعالمين ، فكيف لا يتوسّل ولا يتشفّع به؟!

[المنكر للتوسل : أسوأ من اليهود]

ومن أنكر التوسّل به والتشفّع به بعد موته وأنّ حرمته زالت بموته ، فقد أعلم الناس ونادى على نفسه أنّه أسوأ حالا من اليهود ، الذين يتوسّلون به قبل بروزه إلى الوجود ، وأنّ في قلبه نزغة هي أخبث النزغات .

[توسل أبي البشر آدم(عليه السلام) بالنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ليغفر له]

وهذا آدم(عليه السلام) توسّل به ، كما هو مشهور ، ورواه غير واحد من الأئمة .

منهم الحاكم في «مستدركه على الصحيحين» من حديث عمر(رضي الله عنه) ، قال : قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) : (لمّا اقترف آدم الخطيئة قال : يا ربّ بحقّ محمّد لمّا(194) غفرتَ لي . فقال الله : يا آدم وكيف عرفت محمّداً ولم أخلقه؟ قال : يا ربّ لأنّك لمّا خلقتَني بيدك ونفختَ فيَّ من روحك ، رفعتُ رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوباً : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله ، فعرفت أنك لم تضف إلى اسمك إلاّ أحبّ الخلق إليك . فقال : يا آدم إنّه لأحبّ الخلق إليّ ، وإذ سألتني بحقّه فقد غفرتُ لك ، ولولا محمّد لما خلقتُك)(195) .

قال الحاكم : صحيح الإسناد(196) ، ورواه الطبراني ، وزاد : (وهو آخر الأنبياء منذُرّيّتك) .

ورواه الحاكم أيضاً من حديث ابن عبّاس رضي الله عنهما بزيادة بلفظ : (أوحى الله إلى عيسى : يا عيسى آمن بمحمّد ، ومُرْ من أدركه من أُمّتك أن يؤمنوا به ، فلولا محمّد ما خلقتُ آدم ، ولولا محمّد ما خلقتُ الجنّة والنار . ولقد خلقتُ العرش على الماء فاضطرب ، فكتبتُ عليه لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله فسكن) قال الحاكم في «مستدركه» : هذا صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه(197) ; يعني البخاري ومسلم .

فهذا الإمام الحافظ قد كفانا المؤنة وصحّح الحديث ، وقد رواه غير واحد من الحفّاظ وأئمة الحديث بألفاظ :

منهم أبو محمّد مكّي ، وأبو الليث السمرقندي وغيرهما : (أنّ آدم(عليه السلام) عند اقترافه قال : اللّهمّ بحقّ محمّد عليك اغفر لي خطيئتي) .

ويروي نفيل : (فقال الله : من أين عرفت محمّداً؟ قال : رأيت في كلّ موضع من الجنّة مكتوباً : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله) . ويروى : (محمّد عبدي ورسولي ، فعلمت أنّه أكرم خلقك عليك ، فتاب الله عليه وغفر له) .

وفي رواية الحافظ الآجري : (فقال آدم : لمّا خلقتني رفعتُ رأسي إلى عرشك ، فإذا فيه مكتوب : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله ، فعلمت أنّه ليس أحد أعظم قدراً عندك ممّن جعلتَ اسمه مع اسمك ، فأوحى الله إليه : وعزّتي وجلالي إنّه لآخر النبييّن من ذُرّيّتك ، ولولاه ما خلقتُك . قال : وكان آدم(عليه السلام) يكنّى : أبا محمّد) .

 

بدا مجدُهُ من قبلِ نشأةِ آدم وأسماؤهُ في العرشِ من قبلُ تكتبُ(198)

 

وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما في قوله تعالى : }وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما {قال : «لوح من ذهب فيه مكتوب :

عجباً لمن أيقن بالقدر كيف ينصب؟!

عجباً لمن أيقن بالنار كيف يضحك؟!

عجباً لمن رأى الدنيا وتقلّبها بأهلها كيف يطمئنّ إليها؟!

أنا الله لا إله إلاّ أنا محمّد عبدي ورسولي» .

وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما أيضاً قال : «على باب الجنّة مكتوب : إنّي أنا الله لا إله إلاّ أنا محمّد رسول الله ، ولا اُعذّب من قالها» .

وذكر السميطاري : أنّه شاهد في بعض بلاد خراسان مولوداً ولد وعلى جبينه مكتوب : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله ، وذلك بقلم القدرة .

وذكر الأخباريّون : أنّ ببلاد الهند ورداً أحمر مكتوباً(199) عليه بالأبيض : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله .

وفي بعض البوادي حيوان مكتوب على شِقّه الأيمن : لا إله إلاّ الله ، وعلى شِقّه الأيسر : محمّد رسول الله ، وذلك بقلم القدرة ، وهو مرئيّ ظاهر لكلّ من له بصر ، وذكر غير ذلك .

فسيّد الأوّلين والآخرين عظيم عند ربه ، نوّه بذكره في الأزل وفي الكون العُلوي والسُّفلي ; ليعلم أنّه الفاضل الكامل ، وأنّه أعظم الوسائل .